الاعتراف وتناول الأسرار (75). وقد وقر في نفسه أنه مارس قوة السحر الاسود (أي الشيطاني)، وتراء له الرؤى المرعبة عن الدينونة الاخيرة، وشهد الله يسوق الهالكين إلى النار الابدية (76). وأنتابه أوهام الاضطهاد - فخامرته الظنون في افشاء الخدم لأسراره، واعتقد أن أمره أبلغ لمحكمة التفتيش، وتوقع كل يوم أن يدس له السم. لقد كان ضيفا عسير الارضاء (77).
ولكن الفونسو ترفق به؛ وذلك أن أروع قصائد العصر - برغم كل شيء أهديت إليه وافردت نصف قسم منها (السابع عشر) للإشادة بنسبه. فأعفى الشاعر من الحضور إلى البلاط، وأرسله إلى فيللا بلريجواردو اللطيفة ليعينه على التغيير والسكينة. ولكن صبره نفد حين وجد أن تاسو يتفاوض خفية مع فرانشسكو مديتشي - أقوى منافسي الفونسو واعدى أعدائه - ليقبله متقاعدا بمعاش في بلاط فلورنسة. وفي نوفمبر 1575 غادر الشاعر فيرارا زاعما أنه ذاهب إلى روما لينال غفران اليوبيل. ومضى إليها، ولكنه عرج على فلورنسة مرتين في الطريق. على أنه ل يقع من نفس الدوق الكبير موقعا حسنا، وكتب فرانشسكو إلى صديق له (4 فبراير 1576) يقول «لست أدري هل أدعوه إنسانا مجنونا أم ذكيا مسلياً»؛ وبعد عام قرر أنه «ليس في حاجة إلى وجود رجل مجنون في بلاطه» (78) وقفل تاسو إلى فيرارا كسير الخاطر محزونا.
وطلب إلى الفونسو أن يعينه في وظيفة المؤرخ الرسمي للبلاط، فنال الوظيفة. وفي يناير 1577 مثل أمام محكمة التفتيش في بولونيا واعترف بأنه ارتاب آثما في العقيدة الكاثوليكية، وأعادته المحكمة بكلمات من المواساة والتشجيع. وفي يونيو من ذلك العام، بينما كان في مسكن لوكريتسيا دستي، شهر سكينه على خادم أثار شبهته، فأمر الفونسو بحبس الشاعر في حجرة بالقلعة، ولكنه أفرج عنه بعد قليل وأخذه إلى بلريجواردو. كتب تاسو يقول ان الدوق عامله «وكأنه أخ له لا أمير عليه» (79). وطلب