قصه الحضاره (صفحة 9749)

البروتستنتي. وكان الفلاحون الصابرون يكدحون ويصلون، والرهبان اللذين يفوقون الحصر يتعبدون، أما التجار ففقدوا الجاه والثروة، وأما النبلاء فضيعوا الحياة جريا وراء الألقاب وتعلقا بمظاهر البذخ والترف.

ومع ذلك أنجبت إيطاليا وسط هذا الانهيار السياسي جاليليو أعظم العلماء في جيله، ووهبت العالم فلسفة برونو الجريئة البعيدة النظرة، وهبته برنيني أعظم مثالي العصر، ومونتيفردي أكثر مؤلفيه الموسيقيين أثرا، ووهبته أشجع مبعوثيه الدينيين، وواحدا من أعظم الشعراء الإيطاليين هو تاسو، كذلك وهبته- في بولونيا ونابلي وروما- مذاهب في التصوير لا ضريب لها إلا في الأراضي المنخفضة الوافرة الثراء. وهكذا ظل لواء الثقافة معقوداً لإيطاليا.

أ- في سفوح الألب

يطيب لنا ان نجوس من جديد خلال تلك الحديقة وقاعة الفن المسماة إيطاليا، ولو بالفكر والقلم، وأن نمر بها ولو مرور الكرام. فأما تورين فقد غدت عاصمة كبيرة تحت حكم كفء على رأسه ايمتنويل فيليبرت، وبفضل تشجيع زوجته مرجريت الأميرة الفرنسية السافواوية للأدب والفن. وأما ميلان فظلت محتفظة بأبهتها على الرغم من خضوعها لأسبانيا. قال ايفلين عام 1643 في وصفها:

"انها من افخم مدن اوربا، ففيها 100 كنيسة، و 71 ديرا، 40. 000 من السكان. فيها القصور الباذخة، وفيها الفنانون النادرون (1) " وبعد أن دمرت النار داخل باسيلقا سان لورنزو ماجيوري (1573) عهد كارلو بوروميو، مطران ميلان الورع، إلى مارتينو باسي ببناء داخلها وفق الطراز البيزنطي الرائع الذي بنيت به كنيسة سان فيتالي في رافنا. وبنى الكردينال فيديريجو بوروميو، وهو ابن أخي كارلو، قصر أمبروز (1609)، وشيد فيه مكتبة أمبروز الشهيرة. أما قصر بريرا، الذي بدئ تشييده عام 1615 ليضم كلية لليسوعيين، فقد أصبح منذ عام 1776 مقرا لأكاديمية الفنون الجميلة، ومنذ عام 1809

طور بواسطة نورين ميديا © 2015