قصه الحضاره (صفحة 961)

"الماهابهاراتا" حكاية جامحة الخيال، وقصص خرافية، وغرامية، وتراجم للقديسين، فيتعاون كل هذا على جعل الملحمة أقل قيمة في صورتها الفنية، وأخصب فكراً، من الإلياذة أو الأوذيسية؛ فهذه القصيدة التي كانت في بادئ أمرها معبرة عن طبقة الكشاترية (المحاربين) من حيث تبجيلها للحركة والنشاط والبطولة والقتال، قد أصبحت على أيدي البراهمة أداة لتعليم الناس قوانين "مانو" ومبادئ "اليوجا" وقواعد الأخلاق وجمال النرفانا؛ وترى "القاعدة الذهبية" معبَّراً عنها في صور كثيرة (?) وتكثر في القصيدة الحِكَم الخلقية ذات الجمال وصدق النظر (?) وفيها قصص جميلة عن الوفاء الزوجي ("نالا" و "دامايانتي" و "سافترْي") تصور للنساء اللائي يستمعن لها، المثل العليا البرهمية للزوجة الوفية الصابرة.

وفي غضون الرواية عن هذه المعركة الكبرى، بُثت قصيدة هي أسمى قصيدة فلسفية يعرفها الشعر العالمي جميعاً، وهي المسماة "بهاجافاد - جيتا" ومعناها (أنشودة المولى)، وهي بمثابة "العهد الجديد" في الهند، يبجلونها بعد كتب الفيدا نفسها، ثم يستعملونها لحلف الأيمان في المحاكم كما يستعمل الإنجيل أو القرآن (28)؛ ويقرر "ولهلم فون همبولت" أنها "أجمل أنشودة فلسفية موجودة في أي لغة من اللغات المعروفة، وربما كانت الأنشودة الوحيدة الصادقة في معناها ... ويجوز أن تكون أعمق وأسمى ما يستطيع العالم كله أن يبديه من آيات" (29)؛ وقد هبطت إلينا "الجيتا" بغير اسم ناظمها أو تاريخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015