162 ميلاً في يومه الأول. وكانت الخدمات البريدية التي أنشئت في 1517 مقصورة على الحكومة وحدها. أما البريد الخاص فكان يرسل مع الأصدقاء أو الرسل أو السعاة أو أي مسافرين آخرين. وكان معظم السفر بالبر على ظهور الخيل، أما المركبات فأدخلت حوالي 1564، وظلت حتى 1600 لوناً من الترف لدى قلة من الناس، وما جاءت سنة 1634 حتى كثر عددها إلى حد إصدار بلاغ بتحريم استخدام الأفراد لها استخداماً خاصاً، بسبب ازدحام حركة المرور (11). وكانت الأنزال (الفنادق) الحسنة، كذلك كانت النادلات فيها، اللهم إلا عند الدفع. لكن كان ينبغي على عابر السبيل أن يحرص على كيس نقوده، وأن يخفي وجهته (12). لقد كان على المرء في إنجلترا على عهد إليزابث أن يكون نشيطاً حذراً مستعداً.
ونمت التجارة الخارجية بتقدم الصناعة. وكان تصدير المنتجات الكاملة الصنع هو الوسيلة المفضلة لتسديد ثمن ما يستورد من المواد الخام وماد الترف الشرقية. وتوسعت السوق من الوحدة الإقليمية إلى الأمة بأسرها، ثم إلى أوربا، بل حتى إلى آسيا وأمريكا. واتسعت مجالات الحكومات الوطنية وأهدافها وسلطانها مع اتساع مدى التجارة ومشاكلها، وقد رغبت إنجلترا-مثلما رغبت أسبانيا وفرنسا-وفي تصدير السلع واستيراد الذهب. لأن "النظريات التجارية (?) " التي سادت آنذاك، كانت تقيس ثروة الأمة بمقدار ما لديها من المعادن النفيسة. وواضح أن فرانسيس بيكون كان أول من تحدث عن "ميزان تجاري (13) " مرض، قصد به زيادة الصادرات على الواردات ومن ثم امتصاص الفضة أو الذهب، أو تسربهما إلى داخل البلاد. وأعلن سيسل عن هدفه بقوله: "يجب، بكل الوسائل، أن نقصر استخدامنا للسلع الأجنبية على ما هو ضروري لنا (14) " ولقد أدرك أن الفضة والذهب لا يؤكلان ولا يلبسان، ولكنهما كانا نقداً دولياً، يمكن أن نشتري به عند الضرورة