قصه الحضاره (صفحة 9428)

وكانت إليزابث حريصة على المال قدر البابا عليه. وكانت يقظة إلى أية اختلاسات في البحرية، وطالبت بحساب عن كل شلن أنفقته البحرية والجيش قبل المعركة وفي أثنائها وبعدها. وعوض كل من هوارد وهوكنز من جيبه الخاص عن أي تناقض أو تضارب لم يستطيعا له تفسيراً (106). وكانت إليزابث تتوقع حرباً طويلة الأمد، ومن ثم تصرف للملاحين والجنود مؤناً قليلة ورواتب ضئيلة، وانتشر الآن مرض فتاك، أشبه بالتيفود، بين الرجال العائدين، قضى في بعض المراكب على نصف من فيها من الملاحين أو أقعدهم عن العمل، حتى تعجب هوكنز قائلاً: ماذا كان عساه أن يكون مصير إنجلترا لو أن الوباء سبق العدو؟

واستمرت الحرب البحرية حتى موت فيليب 1598. وسار دريك بأسطول وخمسة عشر ألفاً من الرجال لمساعدة البرتغاليين في ثورتهم ضد الأسبان (1589) ولكن البرتغاليين أحسوا ببغض أكثر للبروتستانت من للأسبان. وأفرط الإنجليز في احتساء النبيذ الذي استولوا عليه إلى حد الثمل، وباءت الحملة بالفشل والعار. وقاد لورد توماس هوارد أسطولاً إلى جزر الآزور ليعترض طريق الأسطول الأسباني الذي يحمل الفضة والذهب إلى أسبانيا، ولكن أسطول فيليب الجديد أرغم السفن الإنجليز على الفرار، فيما عدا السفينة "ريفنج Revenge" التي أمسكوا بها تتسكع خلف سائر السفن، فقاتلت قتالاً بطولياً حتى تغلب عليها الأسبان (1591). وقام دريك وهوكنز بحملة أخرى على جزر الهند الغربية (1595) ولكنهما تنازعا وماتا في الطريق. وفي 1596 أرسلت إليزابث أسطولاً آخر لتدمير السفن في الثغور الأسبانية مثل قادس، فوجد هناك 19 بارجة حربية و36 سفينة تجارية، ولكنها جميعاً هربت إلى عرض البحر، على حين أعمل اسكس السلب والنهب في المدينة. وأخفقت هذه الحملة كذلك ولكنها أظهرت من جديد سيادة إنجلترا على الأطلنطي.

وكان لهزيمة الأرمادا أثرها على كل شيء تقريباً في مدينة أوربا الحديثة. فكانت بداية تغيير حاسم في تكتيك البحرية، وأخلي القفز إلى سفن العدو ومصارعة الرجل الرجل مكانيهما للتراشق بالمدافع من جوانب السفينة وظهرها. وساعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015