قصه الحضاره (صفحة 936)

لأخلاقنا المتهافتة؛ قد يجوز للفيلسوف أن يعبد الله في أي معبد شاء، ويركع أمام أي إله بغير تفريق، لكنه سيجاوز هذه الصور العامية في العقيدة الدينية، التي ُتغْتفَر للعوام، وسيشعر بما في هذا التعدد من وهم خادع، مدركاً ما بين الأشياء كلها من وحدة لا تعرف التعدد (?)، إنه سيقدس الكون نفسه على أنه الكائن الأعلى- هذا الكائن الذي يعز على الوصف، لا تحده الحدود، ولا يحصره المكان ولا الزمان ولا يخضع للسببية، ولا يطرأ عليه التغير؛ إنه مصدر الحقيقة كلها ومادتها (?)، ويجوز لنا أن نصف براهما بأنه "شاعر بذاته" و "عاقل" بل و "سعيد" ما دام براهما يشتمل على النفوس كلها، ويمكن أن تتصف النفوس بأمثال هذه الصفات (116) لكن إلى جانب ذلك أيضاً يمكن أن نصف براهما بسائر الصفات جميعاً، مادام مشتملاً على خصائص الأشياء كلها؛ وبراهما في جوهره محايد يرتفع عن كونه مشخصاً أو مذكراً أو مؤنثاً، وهو يسمو على الخير والشر، وهو فوق كل الفوارق الخلقية، وكل أوجه الاختلاف بين الأشياء وكل الخصائص والصفات وكل الشهوات والغايات؛ إن براهما هو السبب والمسبب معاً وهو جوهر العالم الخفي الذي لا تحدده قيود الزمان.

وهدف الفلسفة هو أن تجد ذلك السر بحيث يذوب الواجد فيما وجد من سرّ؛ ففي رأي شانكارا أن اندماج الإنسان بالله معناه أن يسمو على- أو يغوص إلى ما دون- انفصال النفس عن سائر النفوس، وقِصَر أمدها في الحياة، وكل ما لها من مصالح وأغراض توافه؛ وأن يصبح على غير شعور بالأجزاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015