قصه الحضاره (صفحة 928)

كانت "اليوجا" في أيام "اليوبانشاد" صوفية خالصة - أعني محاولة تحقيق اتحاد الروح بالله؛ وتروي الأساطير الهندية أنه في سالف الأيام قد أتيح "لحكماء" سبعة (واسمهم أرشاء) أن يظفروا بالتوبة والتأمل بمعرفة تامة بكافة الأشياء (106)؛ ثم اختلطت "اليوجا" بالسحر حتى أفسدها في العهود المتأخرة من تاريخ الهند؛ وأخذت تشغل نفسها بالتفكير بالمعجزات أكثر مما تفكر في سكينة المعرفة؛ ويعتقد "اليوجي" أنه بوساطة "اليوجا" يستطيع أن يخدر أي جزء من أجزاء جسده بتركيز فكري فيه وبذلك يجعله تحت سلطانه (107) فيمكنه إن أراد أن يخفى عن الأبصار، أو أن يحول بين جسده وبين الحركة مهما كان الدافع إليها أو أن يمر في أية لحظة شاء أو من أي جزء شاء من أجزاء الأرض جميعاً، أو أن يحيى من العمر ما شاء أن يحيا، أو أن يعرف الماضي أو المستقبل كما يعرف أبعد النجوم (108).

ولزاماً على المتشكك أن يعترف بأنه ليس في هذه الأشياء كلها ما هو مستحيل؛ ففي وسع الجانبين أن يبتكروا من الفروض ما يستحيل على الفلاسفة أن يدحضوه؛ وكثيراً ما يشترك الفلاسفة وإياهم في مثل هذا الابتكار للفروض الغريبة؛ فشدة النشوة والتخليط الذهني يمكن إحداثهما بالصوم وتعذيب النفس؛ والتركيز يمكن أن يميت شعور الإنسان بالألم في موضع معين، أو بصفة عامة، وليس في وسعنا أن نجزم بألوان الطاقة الكامنة والقدرات المدخرة في العقل المجهول؛ ومع ذلك فكثير من "اليوجيين" لا يزيدون على كونهم سائلين الناس مالاً، يتحملون هاتيك الكفارات الأليمة طمعاً في الذهب، الذي ُيتهَّم الغربيون وحدهم بالطمع فيه، أو هم يتحملونها سعياً وراء ما يسعى إليه الإنسان مدفوعاً بطريقته الفطرية، من لفت الأنظار واستثارة الإعجاب (?)؛ إن الزهد هو ما يقابل الانغماس في شهوات الحس، أو هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015