الجديد في إنتاجه النظام كماً لا كيفاً، لأن التجار كانوا ينادون بإنتاج كميات كبيرة ليسددوا بصادراتهم الصناعية ثمن الواردات من الشرق.
وكانت الثروة الجديدة محصورة إلى حد كبير، في أيدي التجار وأصحاب رءوس الأموال وأصحاب المصانع، وحلفائهم في الحكومة، وظل بعض النبلاء يجمعون الثروة عن طريق الضياع الواسعة التي يستأجرها مئات المستأجرين، أو الحظائر التي تمد صناعة النسيج بالصوف. على أن الغالبية من ملاك الأرض الأرستقراطيين وجدوا أنفسهم محصورين بين شقي الرحى: الملوك من جهة، والمدن التي سيطر عليها رجال الأعمال من جهة أخرى، وانحطت قوتهم السياسية. وكان عليهم أن يقنعوا بكرم المحتد وشرف الأرومة. وشاركت الطبقة الكادحة النبلاء مصائب التضخم، فمن سنة 1500 إلى سنة 1600 ارتفع ثمن القمح الذي صنع منه الفقراء رغيف الخبز إلى 150% في إنجلترا، و 200% في فرنسا، 300% في ألمانيا. وفي سنة 1300 كان سعر البيض في إنجلترا 4 بنسات لكل 120 بيضة، وارتفع ثمن المقدار نفسه إلى بنسات في سنة 1400، وإلى 7 بنسات في سنة 1500، وإلى 42 بنساً في سنة 1570 (8). وارتفعت الأجور، ولكن في بطئ أكثر، لأن الحكومات كانت تتولى تنظيمها. وحدد قانون 1563 في إنجلترا الأجر السنوي للفلاح المستأجر بمبلغ قدره 12 دولار، ولعامل المزرعة 9. 50، وللخادم الرجل 7. 25، علماً بأن القوة الشرائية لهذه المبالغ في سنة 1563 تفوق مثيلتها في 1954 خمساً وعشرين مرة، فوصلت الأجور إلى نحو 180 دولاراً سنوياً. على أننا يجب أن نلاحظ أن الطعام والإقامة كانتا تضافان إلى هذه الأجور، وجملة القول أن التغييرات الاقتصادية في القرن السادس عشر تركت الطبقات العاملة أفقر نسبياً