جوبى، وهي قبائل بدأت في القرن التاسع الزحف المغولي نحو الغرب، وكانت النتائج الأساسية التي ترتبت على طول خضوع روسيا "للقبيلة" نتائج اجتماعية: وهي استبداد أدواق موسكو، وولاء الأهالي ولاء ذليلاً لأمرائهم، والمركز الوضيع للمرأة في المجتمع، وتنظيم حكومة موسكو وفقاً لأساليب التتار من النواحي العسكرية والمالية والقضائية. وقد عاقت سيطرة التتار محاولة روسيا لمدة قرنين من الزمان أن تصبح دولة أوربية غربية.
وواجه الشعب الروسي أشق الظروف بعدم اكتراث رواقي صامت، اللهم إلا أنهم في غمرة آلامهم وأحزانهم، وجدوا في أنفسهم الشجاعة لممارسة الغناء. ونعتهم أعداؤهم بالخشونة والقسوة والخيانة والخبث والعنف (1). ولاشك أن الكد والنصب، وقسوة المناخ، كل أولئك أكسبهم صلابة، على أن ما تميزوا به من الصبر وروح المرح والمودة وكرم الضيافة، كان غيه تعويض كبير لهم، إلى حد أنهم مالوا إلى الاعتقاد بأنهم "أكثر إنسانية"، وأنهم "ملح الأرض" (إشارة إلى ما جاء في إنجيل متى: 5 - 13): لقد أدخلوا قسرا إلى المدنية بقوانين همجية وعقوبات رهيبة، من ذلك - كما روى لنا- أن المرأة التي تقتل زوجها كانت تدفن حية حتى عنقها، وأن السحرة والمشعوذين كانوا يحرقون أحياء في قفص من حديد، وأن مزيفي النقود كان يصب في حلوقهم معدن مصهور (2). وكأي شعب يقاوم البرد كان الروس يدمنون المشروبات الروحية إلى حد فقدان الوعي أحياناً، كما كانوا يضيفون إلى طعامهم التوابل التماساً للدفء. واستمتعوا بالحمام الساخن، وكانوا يستحمون أكثر من معظم الأوربيين، وكان من أوامر الدين عندهم أن تخفي المرأة مفاتن جسمها وشعرها، كما دمغ الدين النساء بأنهن أولياء الشيطان، ومع دلك تساوين بالرجال أمام القانون، وكثيراً ما شاركن في تسليتهم أو في الرقص، وهو ما كان محرماً باعتباره خطيئة. وكانت الكنيسة الروسية تحض بشدة على مكارم الأخلاق، وتحرم