يؤدي الكفارات التي فرضت عليه، ولكنه مات في خلال خمسة أسابيع بعد أن أنهكه السجن والإذلال (1556).
وبموته زال خطر البروتستانتية عن إسبانيا، وحدث أن أعدم حوالي 200 شخص بين عامي 1551 و 1600، لما نسب إليهم من هرطقات بروتستانتية - أي بواقع أربعة أشخاص كل عام. وقد تجمد طبع الناس، الذي كان قوامه من كراهية المغاربة واليهود، التي تأصلت جذورها قروناً طويلة، في عقيدة محافظة لا تتزعزع، وامتزجت الكاثوليكية وحب الوطن، ووجدت محكمة التفتيش أن من اليسير أن تسحق، في خلال جيل أو جيلين، المغامرة الإسبانيّة العابرة التي اتسمت بفكر مستقل.
جـ- الإمبراطور يموت
1556 - 1558
وقام شارل الخامس في الثامن والعشرين من سبتمبر سنة 1556 بالدخول إلى إسبانيا لآخر مرة. واستغنى في برجوس عن خدمات معظم الذين كانوا قد عملوا معه ومنحهم مكافآت، وودع شقيقته، ماري الهنغارية والينورا، أرملة فرانسيس الأول. وأبديا رغبتهما في مشاركته اعتزاله في الدير، ولكن القواعد منعتهما، فاتخذا لهما مسكناً في موضع لا يبعد كثيراً عن هذا الشقيق الذي يبدو أنه لم يكن هناك مَن يحبه وقتذاك سواهما. وبعد أن أقيمت له عدة احتفالات في الطريق، وصل قرية جوانديلا في وادي بلازنسيا، على مسيرة نحو 120 ميلاً غربي مدريد، ولبث هناك عدة شهور، ريثما أكمل العمال الحجرات التي أمر بتجهيزها وتأثيثها في دير يوستى (سانت جوستوس) على مسيرة ستة أميال. وعندما قام بالمرحلة الأخيرة من رحلته (3 فبراير سنة 1557)، لم ينتقل إلى خلوة في دير بل إلى قصر ريفي فسيح، اتسع لإقامة المقربين من تابعيه الخمسين. وابتهج الرهبان بوجود ضيف عظيم مثله، بيد أنهم اكتأبوا عندما