وأصبحت حكومة فرنسا آنذاك مزدوجة الجنس. فكان فرانسيس يحكم في الظاهر حكماً مطلقاً، بيد أنه كان يعشق النساء إلى درجة جعلته يخضع لأمه وشقيقته بل وزوجته. ولابد أنه كان يحب كلود إلى حد ما لأنها ظلت على الدوام حاملاً منه. وقد تزوجها لأسباب تتعلق بمصلحة الدولة، وشعر بأنه من حقه أن يقدر نساء أخريات خلقن في صورة فنية أجمل منها. وحذت الحاشية حذو الملك في ممارسة فن فحش ظريف. ووطن رجال الدين أنفسهم على قبول هذا الوضع بعد إبداء الاعتراض المناسب، أما الشعب فلم يبدِ أي اعتراض، ولكنه قلد شاكراً سنة الحاشية الدمثة - ما عدا فتاة واحدة، قيل لنا إنها شوهت جمالها عمداً لتنجو من الفسق الملكي (1524) (14).
وكانت أقوى النساء نفوذاً في البلاط والدة الملك، وقالت لويز أميرة سافوي إلى قاصد رسولي: "وجه خطابك لي، وسوف نسير في طريقنا، وإذا شكا الملك فإننا سنتركه يتكلم كما يشاء (15) "، وكثيراً ما كانت على صواب في نصيحتها. وعندما تولت الحكم كنائبة للملك، أصبحت البلاد خيراً مما كانت عليه بين يديه المتراخيتين. ولكن أطماعها دفعت دوق بوربون إلى خيانة الوطن، وأدت إلى هلاك جيش فرنسي جوعاً في إيطاليا. وغفر لها ابنها كل شيء، وشعر بالشكر لأنها جعلت منه إلهاً.
ولعله كان يحب شقيقته حباً لا يفوقه إلا حبه لأمه، وإن كان يزيد على حبه لعشيقاته - وقد منته مؤازرتها شيئاً أقل خلوداً وعمقاً من تمجيدها المجرد من الأنانية. وكانت لا تعيش إلا للحب - حب أمها وشقيقها وزوجها، وهو حب أفلاطوني وحب ديني صوفي. وثمة حكاية لطيفة تقول: "لقد ولدت وهي تبتسم، وتمد يدها الصغيرة لكل