وفي غضون ذلك كانت حكومة رجال الدين الصارمة التي أقامها كالفن تنبت براعم ديمقراطية، ثم إن جهود الزعماء الكالفينيين في سبيل توفير التعليم للجميع تفقيههم وغرسهم شخصية مهذبة قد ساعد أوساط الناس الأشداء في هولندة على إبعاد الحكم المطلق الإسباني الدخيل ودعم ثورة النبلاء ورجال الدين في سكوتلندة ضد ملكة فاتنة ولكنها مستبدة. وكان للنزعة الرواقية في عقيدة صارمة الفضل في خلق أرواح قوية للمعاهدين السكوتلنديين والمتطهرين الإنجليز والهولنديين والحجاج في نيوانجلاند، وثبتت قلب كرومويل واهتدى بها قلم ميلتون الكفيف وحطمت سلطان آل ستيوارد المستبدين. وشجعت الناس الباسلين والقساة على الظفر بقارة وعلى نشر أساس التعليم والحكم الذاتي إلى أن يستطيع كل الناس أن يصبحوا أحراراً.
وسرعان ما طالب الناس الذين اختاروا كهان أبرشياتهم بأن يكون لهم حق اختيار حكامهم وأصبحت جماعة المصلين التي تحكم نفسها بنفسها بلدية تحكم نفسها بنفسها، وهكذا أبرزت أسطورة الانتخاب الإلهي نفسها في صنع أمريكا.
وعندما تم أداء هذا العمل أهملت النظرية البروتستانتية التي تقول بالجبر، ولما عاد النظام الاجتماعي إلى أوربا بعد حرب الثلاثين عاماً وفي إنجلترا بعد ثورتي عام 1642 و 1689 وفي أمريكا بعد عام 1793 تغير الفخار بالانتخاب الإلهي إلى اعتزاز بالعمل وإنجازه وشعر الناس بأنهم أقوى وأكثر أمناً.
وقل الخوف وأسلمت القسوة المذعورة التي ولدت رب كالفن إلى رؤية أكثر رحمة ألزمت بإعادة النظر في مفهوم الألوهية. وعقداً بعد عقد نبذت الكنائس التي تسلمت زمام القيادة من كالفن عناصر عقيدته القاسية، وواتت الجرأة المشتغلين باللاهوت على أن يؤمنوا بأن كل من ماتوا في