قصه الحضاره (صفحة 8449)

بوضعه داخل الجثث الدافئة للحيوانات التي كانت تذبح، لتوفر له الحرارة. وترعرع لويس وأصبح شاباً وسيماً رقرق الفؤاد كريماً، ولكنه اعتاد التبذير وإقامة الولائم رغم موارده الهزيلة، وسط حاشية فاسدة تفتقر إلى الكفايات. وعندما أرسل السلطان سليمان سفيراً إلى بودا رفض النبلاء أن يستقبلوه، وطافوا به حول البلد وجدعوا أنفه، وصلموا أذنه، وأعادوه إلى سيده (11). فما كان من السلطان الحانق إلا أن غزا هنغاريا، واستولى على معقلين من أعظم معاقلها حيوية، وهما ساباكس وبلغراد (1521). وبعد تمهل طويل ووسط خيانة نبلائه وجبنهم جهز لويس جيشاً قوامه 25. 000 من الرجال، وزحف في بطولة متهورة ليواجه 100. 000 تركي في ميدان قرب موهاكس (30 أغسطس 1526). وقتل الهنغاريون عن بكرة أبيهم تقريباً. وغرق لويس نفسه، بعد أن كبا به جواده، وهو يحاول الفرار. ودخل سليمان مدينة بودا منتصراً ونهب جيشه العاصمة الجميلة وأحرقها، ودمر كل مبانيها العظيمة ما عدا القصر الملكي، وأشعل النيران في الجانب الأكبر من مكتبة ماتياس كورنفينوس الثمينة.

وانتشر الجيش المنتصر في النصف الشرقي من هنغاريا، وأخذ يحرق وينهب، واستاق سليمان 100. 000 أسير مسيحي إلى القسطنطينية.

وانقسم الأقطاب، الذين بقوا على قيد الحياة، فرقاً وأحزاباً، يناصب بعضها بعضاً العداء، ورأت جماعة أن المقاومة مستحيلة، فاختارت جون زابوليا ملكاً وخولته سلطة توقيع معاهدة استسلام، وسمح له سليمان أن يحكم في بودا، باعتباره تابعاص له، أما النصف الشرقي من هنغاريا فقد ظل في الواقع نحت سيطرة الأتراك حتى عام 1686. واتخذ حزب آخر مع النبلاء في بوهيميا لمنح فرديناند تاج كل من هنغاريا وبوهيميا، وذلك بأمل ضمان الحصول على مساعدة الإمبراطوريّة الرومانية المقدسة وأسرة هابسبورج القوية. وعندما عاود سليمان الهجوم (1529)، وسار 135 ميلاً من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015