وقال إن البابوات أسوأ من الأباطرة الوثنيين وإن اثنتي عشرة فتاة عارية كن يقمن بخدمة رجال البلاط البابوي وقت العشاء" (14). ومن المحتمل أنه لا يتيسر له الدخول في أوساط رجال الكهنوت الكبار ولم تكن له معرفة مباشرة بأخلاقهم المنحلة التي لا شك فيها.
وارتقى بسرعة في المناصب التعليمية بعد عودته إلى فيتنبرج "فبراير عام 1511" ونصب نائباً للأسقف في طائفته. وألقى محاضرات في الكتاب المقدس، وقام بالوعظ بانتظام في كنيسة الأبرشية ونهض بعبء العمل في وظيفته بجد وولاء، ويقول عالم كاثوليكي مشهور: "إن خطاباته الرسمية تنم على اهتمام شديد بالذين ساورتهم الشكوك وتفيض بعطف رقرق على الآثم وتفصح عن لمسات عميقة من الشعور الديني والرأي العملي النادر وإن كانت لم تخلُ من تشويه نصائح لها اتجاهات مخالفة للعقيدة، وعندما اجتاح الطاعون فيتنبرج عام 1516 لزم مكانه بشجاعة، ورفض أن يتخلى عنه على الرغم مما أبداه أصدقاؤه من قلق" (15). وخلال هذه السنوات (1512 - 1517) تحولت آراؤه الدينية ببطء عن المذاهب الرسمية للكنيسة، وبدأ يتحدث عن "لاهوتنا" مقابل ما كان يدرس في ارفورت. وفي عام 1515 عزا ما أصاب العالم من فساد إلى رجال الكهنوت الذين قالوا للناس كثيراً جداً من أمثال وحكايات خرافية من إبداع البشر وليست من الكتب المنزلة. واكتشف عام 1516 مخطوطة ألمانية مجهولة المؤلف أيد ما بها من التقوى الصوفية رأيه في اعتماد الروح الكلي في الخلاص على رحمة الله إلى حد أنه أعدها للنشر وطبعها باسم "لاهوت ألماني Theologia Germanica". ووجه اللوم إلى المبشرين بصكوك الغفران لاستغلالهم سذاجة الفقراء، وبدأ في مراسلاته الخاصة يبرهن على أن "ضد المسيح" الوارد في الرسالة الأولى ليوحنا شبيه بالبابا (16). ودعاه الدوق جورج صاحب ألبرتين سكسونيا عام