واختفت حركة علماء الإنسانيات الألمانية بدورها في وهج هذه النار التي أضرمت كل شئ وتعرضت لحرب شعواء من معظم الجامعات من ناحية ومن رجال الإصلاح الديني الذين دخلوا معها في صراع من أجل الحياة من ناحية أخرى، فدعموا قضيتهم بعقيدة دينية ركزت على خلاص الروح في العالم الآخر. ولم تترك الناس إلا فسحة ضئيلة من الوقت يتدارسون فيها الحضارة الكلاسية أو يصلحون من أحوالهم في هذه الحياة الدنيا، وحكم علماء الإنسانيات الألمان على أنفسهم بالهزيمة عندما فشلوا في الارتقاء بالأدب اليوناني إلى مستوى الفلسفة اليونانية.
وبالدخول في جدل عقيم أو الإغراق في صوفية أقل نضجا من صوفية اكهارت، لم يتركوا أعمالا عظيمة إذ أن كتب قواعد اللغة والمعاجم التي كان رويخلين يؤمل أن تكون "أثرا خالدا له يبقى أكثر من النحاس الأصفر" سرعان ما طويت في غياهب النسيان. ومع ذلك فمن يدري أن لوثر كان يجرؤ على أن يطلق قذائفه التي تشبه قذائف داود على تيتزل والبابوات إذا لم يكن عقل ألمانيا قد تحرر إلى حد ما من الرعب من أنصار الكنيسة الرومانية الكاثوليكية على يد علماء الإنسانيات. لقد كان أتباع رويخلين وموتيانوس أقلية قوية في أرفورت حيث درس لوثر لمدة أربع سنوات وأصبح شاعر ألماني في هذا العهد وتغذى بلبان علم الإنسانيات رسولاً متحمساً للإصلاح الديني.
لم يكن هناك عمالقة في عالم الأدب الألماني في هذا العهد قبل لوثر، إذ لم يكن هناك سوى حيوية وخصب عجيبين. وكان الشعر يكتب ليقرأ جهرة. ومن ثم يلقى ترحيباً في الكوخ وفي القصر. واستمر تمثيل