لها مثيلاً في أي مكان آخر- فهي من الحياكة والغزل على درجة من الرقة تسمح لك أن تنفذ الثوب من خاتم متوسط الحجم" (18)، ونقل العرب في العصر الوسيط هذا الفن عن الهند، ومن الكلمة العربية "قطن" أخذنا نحن كلمتنا الانجليزية (19) وكلمة "موسلين" أطلقت بادئ ذي بدء على الغزل الرقيق الذي كان يصنع في الموصل على غرار النماذج الهندية؛ وكذلك كلمة "كالكو" (أي البفتة) أطلقت على مسماهما لأن هذا الصنف من القماش جاءنا لأول مرة (1631م) من مدينة كلكتا الواقعة على الشواطئ الجنوبية الغربية؛ ويحدثنا "ماركوبولو" عن "جوجارات" في سنة 1293م فيقول: "إنهم هنا يطرزون بالوشي على نحو من الدقة لا يبلغه أي بلد من بلاد العالم" (20)، وما تزال "شيلان" كشمير، و"سجاجيد" الهند شاهدة حتى اليوم على براعة النسج الهندي من حيث حبك الديباجة وتصميم الزخارف (?)، على أن النسج لا يعدو أن يكون واحداً من صناعات يدوية كثيرة في الهند، والنساجون إن هم إلا فئة واحدة من فئات الصناعة والتجارة التي أشرفت على تنظيم الصناعة في الهند وإخضاعها لقواعد وأصول، ونظرت أوربا إلى الهنود نظرتها إلى الخبراء في كل ضروب الصناعة اليدوية تقريباً- صناعة الخشب وصناعة العاج وصناعة المعادن وتبييض القماش والصباغة والدبغ وصناعة الصابون ونفخ الزجاج والبارود والصواريخ النارية والإسمنت وغيرها (21)، واستوردت الصين من الهند مناظير سنة 1260م؛ ويصف لنا "برتييه" الرحالة الذي جاب الهند في القرن السابع عشر يصف لنا الهند بأنها تطنّ بأصوات الصناعة طنيناً؛ وكذلك رأى "فتشي" سنة 1585م أسطولاً من مائة وثمانين مركباً تحمل متنوعات شتى من السلع على نهر جمنة.