قصه الحضاره (صفحة 7761)

السيئة والمكوث الإقطاعية التجارة الداخلية، بيد أنها أفادت من القنوات والأنهار التي ألفت شبكة من الطرق الطبيعية الكبيرة عبر فرنسا. وكانت طبقة رجال الأعمال النامية، المتحالفة مع الملوك، قد وصلت عام 1300 إلى مكانة رفيعة في الدولة، وإلى درجة من الثراء أذهلت الإقطاعيين، والنبلاء الفقراء جميعاً. وحكمت قلة من التجار المدن، وسيطرت على النقابات، وأمضت في تقييد الإنتاج والتجارة. وحدثت هنا، كما حدث في فلاندرز، ثورة كادحين في المدن.

فقد انتفض عام 1300 فلاحون فقراء، عرفوا في التاريخ بالرعاة، واصطخبوا في المدن، لما حدث عام 1251، وأخذوا يجمعون في انتفاضتهم العمال الكادحين المتمردين. وساروا جنوباً، يتزعمهم راهب ثائر، وأغلبهم حفاة عراة من السلاح، معلنين أن القدس غايتهم. ودفعهم الجوع إلى انتهاب الدكاكين والحقول، ولما تعرضوا للمقاومة، استطاعوا أن يحصلوا على الأسلحة، ويؤلفوا جيشاً. حتى إذا بلغوا باريس حطموا أبواب السجن، وهزموا قوات الملك. فحبس فيليب الرابع نفسه في اللوفر، وانسحب النبلاء إلى معقلهم، وجبن التجار في دورهم. وواصل الحشد سيره، وزاد عدد أفراده بانضمام المعدمين في العاصمة إليهم، حتى بلغوا أربعين ألفاً من الرجال والنساء ومن الأوباش والأتقياء. وذبحوا فردن وأوخ وتولز جميع من وقع في أيديهم من اليهود. ولما تجمعوا في ايجوز مورت، على البحر الأبيض المتوسط، أحدق بهم عمدة كاركاسون بقواته، وقطع عنهم المؤن، ولبث كذلك حتى مات جميع الثوار من الجوع أو الوباء، وشنق القليلين الذين بقوا منهم.

وأي نوع من الحكومة ذلك الذي يترك فرنسا، تحت رحمة الثروة الجشعة، والفقر الذي لا يعبأ بقانون؟ ولقد كانت حكومة فرنسا أقدر حكومة في أوربا من نواح كثيرة. فإن ملوك القرن الثالث عشر الأقوياء،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015