تريد ذكر خطيئة الإنسان الأولى، ودق الصدور حزناً وندما، وما سوف يلقاه الإنسان بعد الموت من أهوال خرافية؛ ولهذا أدار ظهره نحو الموت، وولى وجهه نحو الحياة؛ وغنى قبل شلر Schiller وبيتهوفن رضي الله عنهeethoven بزمن طويل للبهجة والمرح نشيد الطرب الذي ليس له نظير.
وقضى عصر النهضة حين أحيا الثقافة اليونانية- الرومانية القديمة، على سيطرة العقلية الشرقية على أوروبا، وهي السيطرة التي دامت ألف عام كاملة، وانتقلت أنباء التحرر العظيم من إيطاليا مجتازة مائة من المسالك تتسلق الحبال وتخترق البحار إلى فرنسا، وألمانيا، وفلاندرز، وهولندا، وإنجلترا. فقد نقل العلماء أمثال اليندرو صلى الله عليه وسلمleandro وأسكالجير Scaliger، والفنانون أمثال ليوناردو، ودل سارتو، وبريماتشيو، وتشيليني، وباردوني، نقل هؤلاء النهضة إلى فرنسا؛ ونقلها المصورون، والمثالون، والمهندسون إلى بست Pesth، وكراكاو، ووراسو، ومتشيلزو Michelozzo إلى قبرص، وغامر بليني الكافر فسافر بها إلى اسطنبول. وعاد بها كولت Colet وليناكر Linacre من إيطاليا إلى إنجلترا، كما عاد بها أجريكولا صلى الله عليه وسلمgricola ورتشلين Reuchlin إلى ألمانيا. وظل تيار الأفكار، والأخلاق، والفنون نحو مائة عام يتدفق من إيطاليا نحو الشمال، فكانت أوربا الغربية كلها من عام 1500 إلى عام 1600 تعترف بأن هذه البلاد أم الحضارة الجديدة في العلم، والفن، والآداب "الإنسانية"، التي حنت عليها وأرضعتها لبانها، ونشأتها. وحتى فكرة الرجل الكامل السميذع، والفكرة الأرستقراطية عن الحياة والحكم، قد جاءتا من الجنوب لتصوغا آداب الناس وأشكال الدول في الشمال. وهكذا كان القرن السادس عشر، الذي اضمحلت فيه النهضة في إيطاليا، عصر نماء ووفرة في فرنسا، وإنجلترا، وألمانيا، وفلاندرز، وأسبانيا.
وطغت على أثر النهضة إلى حين شدة النزاع بين حركتي الإصلاح وإصلاح المعارض، والجدل القائم بين المذاهب والحروب الدينية؛ وظل