وتيشيان. وساور مديرو المدرسة بعض الخوف حين شاهدوا ما في التصوير من واقعية مجسمة، وأخذوا يتناقشون في هل يليق بهم أن يعلقوا الصورة على جدرانهم، فما كان من نتورتو إلا أن اختطف الصورة من أيديهم في عنف وكبرياء، وأخذوها إلى منزله. فجاءوه وتوسلوا إليه أن يعيدها لهم، فتركهم قليلا من الوقت تأديباً لهم، ثم أعادها إليهم، وبعث إليه أريتينو كلمة ثناء، ومن ذلك الوقت تفتحت الأبواب أمام مواهبه.
وانهالت عليه الطلبات مجتمعة، فطلبت إليه نحو ست كنائس ودعاه نحو اثني عشر من الأعيان، وستة من الأمراء، ومثل هذا العدد من الدول للقيام بأعمال فنية. وقص لهؤلاء مرة أخرى في مائة من الصور الملحمة المسيحية الكبرى ملحمة خلق العالم، والدين، وفلسفة الموت والبعث والدار الآخرة، من بدء الخليقة إلى يوم الحساب ... ولم يكن نتورتو مسيحياً متديناً، - وقلما كان من الفنانين في هذا القرن السادس عشر في البندقية من هو متدين- فقد أثرت في نفوسهم وعقيدتهم المبادئ المنتشرة في بلاد الشرق والإسلام. وكان دينه هو الفن، يقرب له القرابين بالليل والنهار، ولكن أي موضوعات يستطيع المصور أن يتخيلها أرق وأظرف من قصص آدم وحواء، وقصة مريم وطفلها، مأساة الصلب، وتعذيب القديسين وأعمالهم العجيبة، ثم تلك الغاية التاريخية الرهيبة وهي جمع الأحياء والأموات في صعيد واحد أمام قضاء المسيح؟ (?) وخير ما في هذه المجموعة كلها هي صورة