بين سكان البلد البالغين 90. 000 نسمة (32) ويقدر التعداد الذي أجري في البندقية عام 1509 عدد العاهرات بـ 11. 654 عاهراً من بين سكانها البالغ عددهم نحو 300. 000 (33). وقد نشر طابع مغامر "سجلاً بأشهر المحاظى وأشرفهن في البندقية احتوى اسمائهن، وعناوينهن، وأجورهن". وكن في الطرق يترددن على الحانات، وفي المدن ينزلن عادة في ضيافة الفتيات اليافعين، والفنانين المتلهفين. ويصف لنا متشيليني ليلة قضاها مع حظية له كأنها حادث عادي غير ذي بال، كما يصف عشاء الجماعة من الفنانين من بينهم جوليو رومانو وهو نفسه، وقد طلب إلى كل واحد من الحاضرين أن يأتي بامرأة غير متمنعة، وفي مأدبة أخرى أرقى من هذه درجة أقامها لورندسو استروتسي لمصرفي في عام 1519 لأربعة عشر شخصاً من بينهم أربعة كرادلة وثلاث نساء من الخليعات (35).
ولما ازداد الثراء وازدادت الرغبة في التنعم بدأ الأثرياء المنعمون يطلبون المحاظي اللائي يتمتعن بقسط من التعليم والمفاتن الاجتماعية، وكما أن طائفة الخليلات قد نشأت في أثينة أيام سفكليز للوفاء بهذا المطلب، كذلك نشأت في روما في أواخر القرن الخامس عشر وفي البندقية في القرن السادس عشر طبقة من الخليلات المهذبات ينافسن أظرف السيدات في ثيابهن، وآدابهن، وثقافتهن، بل وفي تقاهن وترددهن على الكنائس في أيام الآحاد. بينما كانت العاهرات العموميات يمارسن حرفتهن في المواخير، كانت الخليلات الرومانيات السالفات الذكر يقمن في بيوتهن، وينفقن بسخاء كبير على المآدب، ويقرأن الكتب، ويقرضن الشعر، ويغنين، ويعزفن على الآلات الموسيقية، ويشتركن في الأحاديث مع الطبقة المثقفة المتعلمة؛ ومنهن من كن يجمعن الصور والتماثيل، والطبعات النادرة من الكتب وآخر ما صدر منها؛ ومنهن من كن يعقدن الندوات الأدبية. وأردن أن يحتفظن بمقامهن لدى الكتاب الإنسانيين فتسمت الكثيرات منهن بأسماء لاتينية- كاميليا، يولكسينا، وينثسيليا Penthesilea، وفوستينا Faustina، وإمبيريا