أنهم يمارسون السحر زيادة سريعة وبخاصة في إيطاليا الواقعة في جنوب جبال الألب، ولعل ذلك كان بسبب ما أحدثه الاضطهاد من استفزاز للنفوس أو لغيره من الأسباب. وأخذ الأمر يتفاقم حتى اتخذت صورة وباء في طبيعته وكثرة المصابين به. وقال الناس وقتئذ إن 25. 000 شخص حضروا "سيتا للساحرات" على سهل قريب من بريشيا، وفي عام 1518 أحرق عمال محكمة التفتيش سبعين ساحرة مزعومة من أهل ذلك الإقليم. وزج آلاف في سجون المحكمة. واحتج مجلس السيادة في بريشيا على زج الناس جملة في السجون، وحال دون الاستمرار في قتل السحرة والساحرات، فما كان من ليو إلا أن أصدر مرسوما (15 فبراير سنة 1521)، يأمر فيه بحرمان أي موظف يأبى أن ينفذ دون تحقيق أو جدل أحكام عمال محكمة التفتيش، ووقف جميع الخدمات الدينية بين أية جماعة تمتنع عن هذا التنفيذ. وتجاهل مجلس السيادة هذا المرسوم، وعين أسقفين، وطبيبين من أهل بريشيا، وعامل من عمال محكمة التفتيش للإشراف على ما يحدث بعدئذ من محاكمات للسحرة والساحرات، وللبحث في عدالة ما صدر من أحكام سابقة؛ وخول هؤلاء الرجال دون غيرهم سلطة إصدار الأحكام على المتهمين. وأنذر مجلس السيادة المندوب البابوي بأن يضع حدا لإدانة الناس لكي يستطيع بذلك مصادرة أملاكهم (16). وكان هذا إجراء غاية في الجرأة ولكن الجهالة وشهوة القتل والتعذيب تغلبتا آخر الأمر، وظل إحراق الناس بتهمة السحر وصمة عار لا تمحى من تاريخ البشرية في القرنين التاليين، في البلاد البروتستنتية والكاثوليكية، وفي العالم الجديد والعالم القديم على حد سواء.
وكانت الرغبة الجنونية في معرفة المستقبل عوناً كبيراً للمتنبئين بحظوظ الناس بأنواعهم المألوفة- قراء الكف، ومفسري الأحلام، والمنجمين؛ وكان هؤلاء أكثر عددا وأعظم قوة في إيطاليا منهم في سائر أنحاء أوربا.