تسبقها وتدل عليها خوارق الطبيعة، والنبوءات، والوحي، والعلامات التي تظهر في السماء (2). وكان أهل فلورنس الذين يظنون أن الهواء الذي يتنفسونه يجعلهم مهرة لا يجاريهم في ذلك غيرهم من الناس، يعتقدون أن جميع الحوادث الخطيرة تقع في أيام السبت، وأن السير إلى الحرب في شوارع معينة من المدينة يجر عليهم مصائب لا يستطيعون النجاة منها (3). واضطرب عقل بولتيمان من جراء مؤامرة باتسى Pazzi اضطرابا لم يسعه معه إلا أن يعزو إليها ما أعقبها من مطر مدمر, وعفا عن الشبان الذين أردوا أن يضعوا حدا للمطر، بأن أخرجوا جثة زعيم المؤامرة، وعرضوها في شوارع المدينة، ثم ألقوها في نهر الأردن. (4). وكتب مرسيلو فنشينو بدافع عن التنبؤ بالغيب، والتخمين، ووجود الشياطين، واعتذر عن عدم زيارة بيكو دلا ميرندولا Pico della Mirandola لأن النجوم وقتئذ لم تكن في اقترانها مبشرة بالخير (5). ولعل ذلك الاقتران كان وهما صوره له الخيال. وإذا كان يسع الكتّاب الإنسانيين أن يؤمنوا بهذا، فهل يحق لنا أن نلوم عامة الشعب الذين لا نصيب لهم من الفراغ ولم ينالوا حظا من التعليم إذا ظنوا أن العالم الطبيعي مليء بالقوى الخارقة وأن أداة لها تستخدمه لاغير. وكان سكان إيطاليا يعتقدون أن كثيرا من الأشياء من مخلفات المسيح أو الرسل حقا. وقد بلغت هذه المخلفات من الكثرة درجة يستطيع الإنسان معها أن يجد في الكنائس الرومانية في عهد النهضة أشياء تمثل جميع مناظر الأناجيل. فواحدة منها تدعى أن قطعة من قماط الطفل يسوع، وأخرى تقول إن بها عود دريس من مزود بيت لحم، وثالثة تزعم أنها تضم قطعاً من الأرغفة والسمك التي تضاعف عددها، ورابعة تنادي أن بها المائدة التي استخدمت في العشاء الأخير؛ وواحدة تعتقد أن بها صورة العذراء التي رسمها الملائكة للقديس لوقا (6). وكانت كنائس البندقية تعرض جسم القديس مرقص، وقطعة من ذراع القديس جورج وإحدى أذني القديس