الكنيسة، وانه سيبدأ هذا الإصلاح من أعلى؛ وبعد أسبوعين من هذا الإعلان ألقى عظة عامة حضرها الكرادلة أنفسهم ندد فيها بفساد أخلاقهم وأخلاق كبار رجال الدين، ولم يترك نقيصة إلا رماهم بها. وقد أمرهم ألا يقبلوا معاشاً، وأن يقوموا بجميع الأعمال التي تحال إلى المحكمة البابوية دون أجور أو هدايا أيا كان نوعها. ولما تذمر الكرادلة وأخذوا يتهامسون مستائين قال لهم: "إياكم وهذا اللغو"، فلما احتج عليه الكردنال أرسيني Orisini قال له البابا إنه أبله لا يعقل، ولما اعترض عليه كردنال ليموج Limoges هجم عليه إربان يريد أن يضربه. وسمعت القديسة كترين بهذا فبعثت إلى البابا الثائر تحذره وتقول له: "افعل ما تريد أن تفعله باعتدال ... وحسن نية، وقلب مسالم، لأن التطرف يدمر ولا يبني؛ وإني أستحلفك بحق الرب المصلوب أن تكبح بعض الشيء جماح هذه الحركات السريعة التي تدفعك إليها طبيعتك" (2). واصم إربان أذنه عن سماع هذا النداء، وأعلن عزمه على تعيين عدد من الكرادلة الإيطاليين يكفي لأن يجعل لإيطاليا أغلبية في مجلس الكرادلة.
واجتمع الكرادلة الفرنسيون في أنانيي، ودبروا الثورة، فلما كان اليوم التاسع من أغسطس عام 1379 أصدروا منشوراً يعلنون فيه أن انتخاب إربان باطل لأنه تحت ضغط غوغاء روما، وانضم إليهم جميع الكرادلة الطليان، وأعلن المجمع على بكرة أبيه في يوم 20 سبتمبر أن ربرت الجنيفي هو البابا الحق. واتخذ ربرت مقامه في أفنيون وتسمى باسم كلمنت السابع، أما إربان فقد تمسك بمنصبه الديني الأعلى وظل مقيماً في روما. وكان الانقسام البابوي الذي بدأ على هذه الصورة نتيجة أخرى من النتائج التي أسفر عنها قيام الدولة القومية، فقد كان في واقع الأمر محاولة من جانب فرنسا للاحتفاظ بعون البابوية الذي لا غنى لها عنه في حربها مع إنجلترا وفي كل نزاع مقبل مع ألمانيا أو إيطاليا. وحذت نابلي، وأسبانيا،