قصه الحضاره (صفحة 6988)

ما يستطيع الرجال والنساء أن يبلغوه من الجمال، وأشغال الخشب المحفور والملبس الذي بني ليبقى ألف عام، والفخار البراق تزدان به النضد والأصونة وأرفف المُصْطليات، والزخارف المعجزة في زجاج البندقية الذي يتحدى الزمان بقوامه الهش، والأصباغ الذهبية، والمشابك الفضية لأغلفة الكتب المصنوعة من الجلد تحيط بذخائر المؤلفات القديمة التي زخرفها أرباب الأقلام السعداء. وقد آثر كثيرون من المصورين أمثال سانو دي بيترو أن يفقدوا ضوء أبصارهم في رسم الصورة الدقيقة وتلوينها على أن يبسطوا تصورهم الدقيق العميق للجمال في أشكال فجة على الألواح والجدران. وقد يلذ للإنسان، إذ مل الطواف في معارض الفن، أن يجلس في بعض الأحيان وهو منشرح الصدر ساعات طوال يتأمل زخارف المخطوطات وخطها الجميل، وهي المخطوطات التي لا تزال مخبأة في قصر اسكفانويا Schifanoia بفيرارا أو في مكتبة مورجان بنيويورك، أو الأمبروزيانا بميلان.

لقد اجتمعت هذه الفنون مضافاً أليها الفنون الكبرى، والكدح واحب، والمماحكة وفن الحكم، والورع والحرب، والإيمان والفلسفة، والعلم والخرافة، والشعر والموسيقى، والأحقاد والأهواء، وشعب وديع محبوب، جياش العاطفة، اجتمعت هذه كلها لخلق النهضة الإيطالية والوصول بها إلى كمالها وانهيارها في روما الميديتشية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015