ذلك الحين تأخذ فنها كما تأخذ شرائعها من فلورنس، وقد صمم فيها جيوفني دلا ربيا giovanni della Robbia وبعض مساعديه (1514 - 1525) إفريزاً حوى نقوشاً بارزة على الصلصال المحروق البراق لمستشفاها المعروف باسم أسبدالي دل تشيو Ospedale del Ceppo والذي سمي بهذا الاسم لوجود جذع شجرة مجوف يستطيع الإنسان أن يلقي فيه ما يتبرع به للمستشفى. ويمثل هذا النقش "أعمال الرحمة السبعة": كساء العارين، وإطعام الجائعين، والعناية بالمرضى، وزيارة السجون، واستقبال الغرباء، ودفن الموتى، ومواساة الثاكلين. لقد كان الدين هنا يتجلى في أحسن مظاهره.
وكانت بيزا قد بلغت من قبل درجة من الثراء استطاعت معها أن تحول جبال الرخام إلى كنيسة كبرى، وموضعا للتعميد، وبرجاً مائلاً. وكانت تدين بهذا الثروة لى موقعها المنيع على مصب الآرنو، ومن أجل هذا أخضعتها فلورنس إلى سلطانها قوة واقتداراً (1405)، لكن بيزا لم تقبل لنفسها هذا الإذلال، فكانت تثور المرة بعد المرة، وحدث في عام 1431 أن طرد مجلس السيادة الفلورنسي من بيزا جميع الذكور القادرين على حمل السلاح، واحتفظ بنسائها وأطفالها رهائن يضمن بهم حسن سلوك الأهلين (1). واغتنمت بيزا فرصة الغزو الفرنسي (1495) لتستعيد به استقلالها، وظلت أربعة عشر عاماً تحارب جنود فلورنس المرتزقين، حتى خضعت آخر الأمر بعد مقاومة عنيفة أبلت فيها بلاء الأبطال، فلما حدث هذا هاجرت كثير من الأسر الكبيرة إلى فرنسا أو سويسرا مفضلة النفي على الخضوع الأجنبي، وكان من بين هذه الأسر آل سمسندي Sismondi أسلاف المؤرخ الذي روى في عام 1838 بعبارة بليغة قصة تلك الحوادث في كتابه تاريخ الجمهوريات الإيطالية. وحاولت فلورنس أن تكفر عن استبدادها بتمويل جامعة بيرزا وبإرسال فنانيها لتزيين الكنيسة