الفصل الثالث
كانت مدينة بافيا تقوم هادئة على ضفة نهر التيسينو بين جنوى وميلان، وكانت في وقت من الأوقات مقر ملوك لمباردى، ثم خضعت في القرن الرابع عشر لميلان، واتخذها آل فسكونتى واسفوردسا عاصمة ثانية لهم.
وبدأ جلياتسو فسكونتى الثاني (1360) القلعة الفخمة Castello، التي أتمها جيان Gian ( أي جيوفنى، أو جون) جلياتسو فسكونتى؛ والتي اتخذت مسكناً لهذا الدوق الثاني، وقصراً لمباهج أدواق ميلان المتأخرين. وقد وصف بترارك هذا القصر بأنه "أنبل ثمار الفن الحديث، ووضعه كثيرون من معاصريه في مصاف مساكن الملوك في أوربا. وكانت مكتبة القصر تضم مجموعة من الكتب تعد من أثمن المجموعات في أوربا، وكان من بين ما تحتويه 951 ألف مخطوط مزينة الهوامش بالنقوش. ونقل لويس الثاني عشر حين استولى على ميلان عام 1499 مكتبة بافيا هذه فيما نقله من المغانم، وضرب جيش فرنسي داخل القلعة بآخر طراز من مدافعه (1527)، حتى لم يبق منها الآن إلا أسوارها.
وهكذا دمرت القلعة، ولكن أجمل درة من عهد آل فسكونتى واسفوردسا لا تزال باقية سليمة - ونعني بها دير تشيرتوزا Certosa المستتر بعيدا عن الطريق العام بين بافيا وميلان. فقد أعتزم جيان جلياتسو وفسكونتي giangaleazzo Visconti أن يقيم في سهل مطمئن هادئ صوامع، وطرقات مقنطرة، وكنيسة وفاء لنذر نذرته زوجته. وظل أدواق ميلان من ذلك الوقت حتى عام 1499 يكملون هذا الصرح ويزينونه لتكون رمزا لتقواهم