يستطيعون أن يخلعوا شيئاً من الطلاء على سياستهم، ويحيطوهم بهالة من السناء، ويخلدوا ذكراهم.
وكانوا يوقدون نار حروب كثيرة ولكنها كانت في العادة صغيرة، يريدون بها أن يحصلوا على سراب الأمان الخادع بتوسيع رقعة أملاكهم، ويشبعوا نهمهم المتزايد إلى تملك أرضين يفرضون عليها ضرائب. ولم يكونوا يبعثون برعاياهم إلى هذه الحروب، لأنهم إن فعلوا اضطروا إلى تسليحهم وقد يكونون في هذا كالساعي إلى حتفه بظلفه، ولهذا كانوا يستأجرون الجنود المرتزقة، ويؤدون إليهم أجورهم بما يحصلون عليه من الفيء من الأراضي المفتوحة، أو الفدية، أو مصادرة أملاك المغلوبين، أو النهب والسلب. وكان المغامرون المتهورون ينقون من فوق الألب وفي أعقابهم في أكثر الأحيان شراذم من الجنود الجياع، ويبيعون خدماتهم إلى مكن يؤدي عنها أكبر الأثمان، يناصرون هذا الجانب أو ذاك تبعا لتقلبات الأجور. من ذلك أن خياطا من اسكس، يعرف في إنجلترا باسم سير جون هوكود Sir John Hawkwood وفي إيطاليا باسم أكوتو صلى الله عليه وسلمcuto، حارب بمهارة عسكرية فنية من ذلك عدة مئات الآلاف من الفورينات، ومات في سنة 1394 بعد أن وصل إلى طبقة السادة الزراع، ودفن باحتفال مهيب، وزين قبره بثمار الفن في كنيسة سانتا ماريا دل فيوري.
وكان الحاكم المطلق ينفق المال على شئون التعليم كما ينفقه في إنشاء المدارس، ودور الكتب، وإعانة المجامع العلمية والجامعات. فقد كان في كل بلدة في إيطاليا مدرسة تنفق عليها الكنيسة عادة، وفي كل مدينة كبرى جامعة. وارتفع الذوق العام والآداب العامة بفضل الدروس التي لقنها الإنسانيون، ونشرتها الجامعات، وحاشيات الملوك والأمراء، وأصبح من كل أثنين من الإيطاليين واحد يستطيع الحكم على الفن، وكان في كل