ولكنه اخلى مكانه ليوناردو وميكل أنجلو، وانزوى في ظلمات الفقر النَّكِد. وقد أعانه آل ميديتشي، الذين كانوا عماده من قبل، ببعض الصدقات، ولكنهم هم أنفسهم كانوا قد ذهبت ريحهم؛ ومات الرجل وحيداً، ضعيفاً، في السادسة والستين من عمره، بينما كان العالم السريع النسيان يجري في مجراه المعتاد.
وكان من بين تلاميذه فلبينولي أبن معلمه. وكان "ابن العشق هذا" (?) محبوباً من كل من عرفه: فقد كان رجلا ظريفاً، دمث الأخلاق، متواضعاً، مجاملاً مؤدباً. بلغت "صفاته الممتازة درجة محت وصمة مولده، إذا كان في مولده وصمة" كما يقول فاساري. وقد تعلم على أبيه وعلى ساندرو فن التصوير بسرعة بلغ منها أن أخرج وهو في الثالثة والعشرين رؤيا القديس برنار The Vision of St. رضي الله عنهernard وهي صورة "لا ينقصها إلا النطق" كما يصفها فاساري. ولما قرر رهبان الكرمل أن يكملوا المظلمات التي بدئ بها قبل ستين عاماً من ذلك الوقت في معبد برانكاتشي رضي الله عنهrancacci، عهدوا بهذه المهمة إلى فلبينو هو لا يزال في سن السابعة والعشرين. ولم تبلغ النتيجة المستوى الذي بلغته ماساتشيو Massaccio ولكن فلبينو أبرز في صورة القديس بولس يخاطب القديس بطرس في السجن شخصية ذات مهابة بسيطة وقوة هادئة لا تنسى على مر الدهور.
واستدعاه الكردنال كارفا Caraffa في عام 1489 إلى روما بإيحاء من لورندسو ليزخرف كنيسة سانتا ماريا بمناظر من حياة القديس تومس الأكويني (أكوناس). وابرز الفنان في المظلم الرئيسي هذا الفيلسوف في نشو الظفر، وتحت قدميه أريوس، وابن رشد، وغيرهما من "غير المؤمنين". ولعله وهو يرسم تلك الصورة قد استعاد في خياله صورة مماثلة