ورأى بترارك ان من الخير له بعد انتخاب البابا الجديد، كلمنت السادس (1342)، أن يعود إلى أفينون ليقدم له تحياته ويعرض عليه أمانيه. وجرى كلمنت على السُّنَّة القديمة سنة منح هبة- هي عبارة عن إيراد بعض أملاك الكنيسة- لمن يؤيدونها من الكتاب والفنانين، فوهب الشاعر رياسة دير بالقرب من بيزا، ثم عينه في عام 1346 أسقفاً في بارما، ثم أرسله عام 1343 في بعثة إلى نابلي حيث التقى بحاكم من اصعب حكام زمانه مراساً واقواهم شكيمة.
وكان ربرت الحكيم قد مات تواً، وورثت ابنته جونا Joanna الأولى عرشه وأملاكه ومنها ولاية بروفانس وافنيون تبعاً لذلك. وتزوجت جونا بابن عمها أندرو ابن ملك المجر إرضاء لوالدها، وظن أندرو أن من حقه أن يكون ملكاً وزوجاً معاً، فقتله لويس صاحب تارنتو عشيق جونا (1345)، وتزوج الملكة. وخلف أندرو على عرش المجر اخوه لويس فزحف بجيشه على إيطاليا، واستولى على نابلي (1348). وفرت جونا إلى أفنيون، وباعت المدينة إلى البابوية بثمانين ألف فلورين (نحو مليوني دولار)، واعلن كلمنت أنها بريئة، ووافق على زواجها، وامر الغزاة بالعودة إلى بلاد المجر. ولم يأبه الملك لويس بأمره، ولكن الموت الأسود (1348) فشا في جيشه، وأهلك كثيراً من جنوده فاضطر إلى الانسحاب. واستعادت جونا عرشها (1352)، وظلت تحكم البلاد في جو من الأبهة والرذيلة حتى خلعها البابا إربان السادس (1380)، ثم قبض عليها شارل دوق دورتسو عز وجلurazzo في العام التالي، وقتلت في عام 1382.
ولم يتصل بترارك بهذه المهزلة الدموية إلا في بدايتها أي في السنة الأولى من حكم جونا، ثم لم يلبث أن عاد إلى تجواله، وأقام فترة من الوقت في بارما، ثم في بولونيا، ثم قضى جزءاً من عام 1345 في فيرونا. وفي هذه المدينة الأخيرة، عثر في مكتبة بإحدى الكنائس على مخطوط يحوي