قصه الحضاره (صفحة 6355)

نشرت مثل هذه الذؤابات الذهبية

على متن الهواء؟ وأي قلب عرف أمثال هذه الفضائل؟

وإن كانت أكبر فضائلها قد انطوت على موتى

إن من لا يتطلع إلى عينيها اللتين اكتمل فيهما الجمال

إنما يبحث عن الجمال السماوي بلا جدوى،

ومن لا يرى هاتين المقلتين النيرتين الزرقاوين تشعان الضياء

لا يعرف كيف يذعن الحب ويصد

وليس يعرف حلو أنفاسها إلا من عرف

حلو حديثها وضحكها

ولقد هيأت لبترارك قصائده، وفكاهته المرحة، وإحساسه المرهف بالجمال في المرأة وفي الطبيعة، وفي السلوك، والآداب، والفنون، مكاناً في المجتمع المثقف، ولم يكن تنديده بأخلاق رجال الدين في أفنيون ليمنع عظماء هؤلاء الرجال من أمثال الأسقف جياكو موكولنا Giacomo Colonna أو أخاه الكردنال جيوفني كولنا أن يعرضا عليه ضيافتهما ومناصرتهما. وقد فعل ما تفعله الكثرة الغالبة منا فاستمتع وغفر قبل أن يمل ويلعن، فقد كان يلهو مع محظية له بين الفترات التي ينشد فيها أغانيه للورا. وولد له طفلان غير شرعيين. ووجد متسعاً من الوقت للأسفار، وجمع فيما يظهر مالا موفوراً، فنحن نجده في باريس عام 1331، ثم نجده بعدئذ في فلاندرز وألمانيا، ثم في روما عام 1336 يحل ضيفاً على آل كولنا Colonna. وقد تركت خرائب سوق روما الكبرى أعمق الأثر في نفسه، فقد كشفت له عن قوة وفخامة قديمتين لا تتفقان مع ما كانت عليه تلك العاصمة المهجورة في العصور الوسطى من فقر وقذارة، وألح على خمسة من البابوات متعاقبين أن يتركوا أفنيون ويعودوا إلى روما، وإن كان هو نفسه قد غادر روما وعاد إلى أفنيون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015