قصه الحضاره (صفحة 6175)

ولم يكن يجرؤ على القيام بالجراحات الخطرة إلاّ أعظمهم شجاعة؛ وكان معظم الأطباء يطلبون قبل إقدامهم على هذه المجازفة ضماناً كتابياً بأنهم لن يصيبهم مكروه إذا أخفقوا في عملهم (74).

ومع هذا فقد تقدمت الجراحة في ذلك الوقت أسرع من تقدم أي فرع آخر من فروع الطب؛ ويرجع بعض السبب في هذا إلى أنها كانت تعنى بأحوال قائمة لا بنظريات، كما يرجع بعضه إلى ما كان يتاح للجراحين من فرص قيمة في معالجة جراح الجنود. ونشر روجر السالرني حوالي 1170 كتابه العمليات الجراحية وهو أقدم رسالة في الجراحة معروفة في بلاد الغرب المسيحية؛ وظلت هذه الرسالة من المراجع الهامة ثلاثة قرون، وفي عام 1238 أمر فردريك الثاني أن تشرح جثة كل مرة خمس سنوات في سالرنو (75)؛ وظل تشريح الجثث يجري بانتظام في إيطاليا بعد عام 1275 (76). وفي عام 1286 فتح طبيب في كرمونا جثة ليدرس عليها سبب وباء انتشر في ذلك الوقت، فكان هذا أول تشريح لجثة بعد الموت لمعرفة سبب الوفاة؛ وفي عام 1266 بدأ تيودريكو برجنيوني Theodorico رضي الله عنهrogonomi أسقف سرفيا Cervia كفاحاً طويلاً في الطب الإيطالي ضد الفكرة العربية القائلة إن تكوين الصديد يجب أن يشجع أولاً في علاج الجروح؛ ويعد بحثه من أعظم البحوث في طب العصور الوسطى. وخطا ججليلمو ساليستي Guglielmo Salicetti - وليم الساليستوي Wiliam of Saliceto (1210 - 1277) - أستاذ الطب في جامعة بولونيا خطوات كبيرة إلى الأمام في تحسين الجراحة، وذلك في كتاب الجراحة الذي صدر في عام 1275. وقد قرن في هذا الكتاب التشخيص الجراحي بمعرفة الطب الباطني، وكان يعنى بالاحتفاظ بسجلات للمرضى، وأظهر كيف يوصل الأعصاب المنفصلة، ودعا إلى استعمال المشرط بدل الكي الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015