رغم أن الكنيسة حرّمتها في عام 1307 ووصفتها بأنها من البحوث الشيطانية، ولعل بعض المؤلفين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر أرادوا النجاة من غضب الكنيسة بأن عزوا مؤلفاتهم إلى "جبر" Gebir (?) المسلم.
وأضافت التجارب الطبية على العقاقير معلومات كثيرة إلى علم الكيمياء، كما أن العمليات الخاصة بالصناعة كادت ترغم على الكشف إرغاماً، وأفاد على الكيمياء فوائد جمة من أعمال عصر الجعة، وصنع مواد الصباغة، والخزف، والميناء، والزجاج، والغَراء، واللك، والمداد، ومواد التجميل. وألّف بطرس العمري Peter of St. Omer حوالي عام 1270 كتاب صنع الألوان libier de coloribus fasciendis، فيه ذِكر لعدد من المواد الملوّنة المستخدمة في التصوير تصف واحدة منها كيفية صنع ألوان زيتية بخلط المواد الملونة بزيت بذر الكتان (54). ونشرت حوالي عام 1150 رسالة تعرف باسم Magister Salernus - ربما كانت من رسائل مدرسة الطب في سلرنو - ذكر فيها تقطير الكحول؛ وكان هذا أول ذكر صريح لهذه العملية المنتشرة في جميع أنحاء العالم في هذه الأيام. وكانت الأقطار التي تنتج العنب تقطر النبيذ وتسمى ما ينتج من تقطير هذا العصير ماء الحياة eau de vie aqua vitae. أما بلاد الشمال ذات العنب القليل والبرد القارس فكانت تجد تقطير الحبوب أقل نفقة من تقطير العنب؛ وكان لفظ يسكبيثا uisqebeatha الكلتي الذي اختصر فصار وسكي whisky يعني أيضاً "ماء الحياة" (55). على أن التقطير كان معروفاً عند الكيميائيين المسلمين قبل ذلك الوقت بزمن طويل، غير أن استكشاف الكحول ثم استكشاف الأحماض المعدنية بعد ذلك في القرن الثالث عشر وسّعا دائرة المعارف الكيميائية وآفاق الصناعة توسيعاً كبيراً.