الفلسفة ولا اليهودية، كما جاءت في الكتب المقدسة، قد وهبت الإنسان سعادة سرمدية؛ أما المسيحية فتهب الإنسان القلق المعذب، هذا الأمل في السعادة، وهي لهذا عظيمة القيمة إلى أبعد حد. ألا أن هذا الحوار الذي لم ينته إلى غاية لهو ثمرة رائعة من نتائج قس في كتدرائية بباريس عام 1120.
وقد وَجَدت حرية في النقاش شبيهة بهذه الحرية نفسها منفذاً لها في كتاب آخر لأبلار بعد أشهر كتبه على الإطلاق، وهو كتاب نعم ولا sic et non (1120) . ونجد أول ذكر لهذا الكتاب في رسالة كتبها رجل من سانت تييري St. Tierry يدعى William إلى القديس برنار (1140) يصف فيها ذلك الكتاب بأنه كتاب مريب يوزع سراً بين تلاميذ أبلار والمتشيعين له (23). ثم اختفى هذا الكتاب بعدئذ من التاريخ حتى عام 1836 حين كشف فكتور كوزن Victor Cousin المخطوط بمكتبة في أفرانش صلى الله عليه وسلمvranche. وما من شك في أن شكل الكتاب نفسه قد أحزن هذا الأسقف؛ ذلك أنه يبدأ بمقدمة تنم عن التقى والصلاح، ثم ينقسم إلى 157 سؤالاً تشمل أهم العقائد الأساسية للدين؛ وقد وضع في عمودين متقابلين تحت كل سؤال طائفتان من الأقوال إحداهما نؤيد الرد الإيجابي والأخرى تؤدي الرد السلبي، وكلتاهما مقتبسة من الكتاب المقدس، أو من كتب آباء الكنسية، أو من الآداب اليونانية الرومانية القديمة، بل أن بعضها مقتبس من فن الحب لأوفد. وقد يكون القصد من تأليف هذا الكتاب هو أن يكون مراجع يلجأ إليها في النقاش المدرس، ولكن مقدمته تنتقص من قيمة الاعتماد على آباء الكنيسة - سواء أراد الكتاب ذلك أو لم يرده- لأنها تظهر ما بينهم من التناقض، بل أنها لتظهر تناقض كل منهم لنفسه. ولم يشك أبلار في قيمة الكتاب المقدس بوصفه مرجعاً دينياً، ولكنه يقول أن لغته قد كتبت لغير المتعلمين، وأنها يجب تفسيرها