قصه الحضاره (صفحة 5582)

الكبرى والكبتول بين الرومان على ذكرى جمهوريتهم القديمة، وكانت جهود تبذل من حين إلى حين لإعادة نظم الحكم الذاتي وأشكاله القديمة. وظل الأشراف القدماء يسمون الشيوخ وإن كان مجلس الشيوخ قد اختفى من الوجود. وكان القناصل ينتخبون أو يعينون، وإن لم يكن بيدهم شيء من السلطان، وكانت بعض مخطوطات قديمة، نسيت أو كادت تنسى، تحفظ للبلاد الشرائع الرومانية. وبعث قيام المدن الحرة في شمالي إيطاليا في أهل روما روحاً جديدة، فأخذوا يطالبون بالعودة إلى الحكم الذاتي المدني لا الديني، واختاروا في عام 1143 مجلس شيوخ مؤلف من ستة وخمسين عضواً، وظلوا عدة سنين بعد هذا التاريخ يختارون له أعضاء جدداً في كل عام. وكانت أحوال ذلك الوقت تتطلب صوتاً يرتفع بتغييرها، ووجدت هذا الصوت في رجل من أهل بريشيا رضي الله عنهrescia يدعى أرنولد صلى الله عليه وسلمrnold. وتقول الرواية المتواترة إنه درس على أبيلار صلى الله عليه وسلمbelard في فرنسا ثم عاد إلى بريشيا راهباً. وبلغ من زهده وتقشفه أن وصفه برنار بأنه رجل "لا يأكل ولا يشرب". وكان شديد التمسك بالدين القويم، ولكنه ينكر صحة العشاء الرباني إذا قدمه القساوسة المذنبون. وكان يرى أن مما يجافي القانون الأخلاقي أن يكون للقس أملاك، ويطالب بأن يعود رجال الدين إلى الفقر الذي كان يتصف به الحواريون، وأشار على الكنيسة بأن تنزل للدولة عن جميع أملاكها المادية وسلطانها السياسي. وأدانه إنوسنت الثني في مجلس لاتران عام 1139 وأمره أن يلزم الصمت، ولكن البابا أو أوجنيوس الثالث صلى الله عليه وسلمugenius III عفا عنه على شريطة أن يحج إلى عدد من الكنائس في روما. وكان هذا خطأ كريماً من البابا؛ لأن منظر معالم الجمهورية القديمة ألهب خيال آرنلد، فأهاب بالرومان وهو واقف وسط خرائب المدينة بأن ينبذوا حكم رجال الدين، ويعيدوا الجمهورية الرومانية (1145). وافتتن الشعب بحماسته فاختار قناصل وتربيونين ليكونوا هم حكامه الحقيقيين، وأقام طائفة من هيئة من الفرسان ليكونوا قادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015