قصه الحضاره (صفحة 5339)

والكلاب، من العطش في أثناء هذا الزحف الشاق الذي اجتازوا فيه خمسمائة ميل؛ فلما عبروا جبال طوروس انفصل بعض النبلاء بقواتهم عن الجيش الرئيسي ليفتحوا لأنفسهم فتوحاً خاصة بهم- فسار ريمند، وبوهمند، وجدفري إلى أرمينيا؛ وسار تنكرد وبولدوين (أخو جدفري) إلى الرها حيث أسس بلدوين بالختل والغدر (14) أولى الإمارات اللاتينية في الشرق (1098). وأخذت قوات الصليبيين الكبرى تشكو من هذا التأخير وتتوجس منه الشر المستطير؛ فعاد النبلاء وواصلت القوة بأجمعها الزحف على إنطاكية.

ويصف المؤرخ الإخباري صاحب جستا فرنكورم Gesta Francorum إنطاكية بأنها "مدينة ذات بهجة وجمال عظيم تمتاز عن سائر المدن" (15). وقاومت المدينة الحصار ثمانية أشهر، مات في خلالها كثير من الصليبيين بسبب تعرضهم لأمطار الشتاء القارس والبرد والجوع، وقد وجد بعضهم غذاء جديداً بامتصاص "أعواد حلوة سموها زكرا Zucra" ( وهي كلمة مشتقة من لفظ السكر العربي)، ففيها ذاق "الفرنجة" طعم السكر للمرة الأولى وعرفوا أنه يضع من عصير أحد النباتات المزروعة (16). وقدمت العاهرات للغزاة متعاً أشد خطراً من السكر، من ذلك أن رئيساً للشمامسة قتله الأتراك وهو مضطجع مع عاهر سوريا (17). وجاءت الأنباء في شهر مايو من عام 1098 أن جيشاً إسلامياً كبيراً يقوده كربوغة أمير الموصل يقترب من أنطاكية، لكن هذه المدينة سقطت في أيدي الصليبيين (3 يونية 1098) قبل أن يصل إليها هذا الجيش ببضعة أيام. وخشي كثيرون من الصليبيين عجزهم عن مقاومة جيش كربوغة، فركبوا السفن في نهر العاصي، وفروا هاربين. وزحف ألكسيوس بقوة من جنود الروم، ولكن جماعة من الفارين غرروا به، فادخلوا في روعه أن المسيحيين هزموا، فعاد أدراجه ليدافع عن آسيا الصغرى، ولم يغفر له الصليبيون هذه الفعلة. وأراد قسيس من مرسيليه يدعى بطرس بارثلميو Peter رضي الله عنهartholomew أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015