قصه الحضاره (صفحة 5255)

انتقل بمقتضاه حق انتخاب البابا إلى مجمع الكرادلة. وكان هدف هلدبراند من هذه الخطوة الحاسمة أن ينقذ البابوية من النبلاء الرومان والأباطرة الألمان، وكان الشاب الديني والحاكم السياسي قد وضع منذ ذلك الوقت المبكر خطته السياسية البالغة الأثر. وقد رأى أن ينقذ البابوية من السيطرة الألمانية بأن يغمض عينه من غارات النورمان وصلفهم في إيطاليا الجنوبية وأن يعترف بامتلاكهم ما انتزعوه من الأرض، ويوافق على مطامعهم، نظير تعهدهم له بحمايتهم الحربية. ورفع هلبراند في عام 1073 إلى عرش البابوية بعد أن خدم ثمانية بابوات مدة خمس وعشرين سنة؛ ولقد قاوم هو هذا الاختيار لأنه كان يفضل أن يعمل من وراء هذا العرش، ولكن الكرادلة، والقساوسة، والشعب عامة نادوا قائلين: "إن القديس بطرس يريد أن يكون هلدبراند بابا! ". ولهذا رسم قسيساً، ثم عين بابا، واتخذ لنفسه ذلك اللقب المبجل- جريجوري.

وكان قصير القامة، وعادي الملامح، حاد البصر، عزيز النفس، صلب الإرادة، قوياً في الحق، واثقاً من النصر، تلهمه وتشحذ همته أربعة أغراض: أن يتم ما بدأه ليو من تقويم أخلاق رجال الدين، وأن يضع حداً لتولي غيرهم المناصب الدينية، وأن يوحد أوربا كلها تحت سلطان كنيسة واحدة وجمهورية واحدة برياسة البابوية، وأن يوجه جيشاً مسيحياً إلى بلاد الشرق ليسترد الأرض المقدسة من الأتراك. وقد كتب في عام 1074 إلى أعيان برغندية وسافوي، وإلى الإمبراطور هنري الرابع، يرجوهم أن يجمعوا المال ويحشدوا الجند للقيام بحرب صليبية يعتزم أن يقودها بنفسه. فأما أعيان برغندية فلم يتحركوا لتلبية ندائه، وأما هنري فقد حال تزعزع مركزه فوق عرشه بينه وبين التفكير في حرب صليبية.

وكان مجلس لاتران المنعقد برياسة نقولاس الثاني وهلدبراند في عام 1059 قد حرم من حظيرة الدين كل قس يحتفظ بزوجة أو سرية، ونهى المسيحيين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015