حملة في كل قرن تقريباً لرفع الرهبان مرة أخرى إلى المستويات العليا غير الفطرية التي شرعوا لأنفسهم قواعدها. كذلك كان بعض الرهبان ينهمكون في نوبات موقوتة من التقي والخشوع ثم يصبحون غير صالحين لنظام الرهبنة بعد أن يفيقوا من نشوتهم وتضعف حماستهم. ومن الرهبان والراهبات من كانوا نذوراً جيء بهم إلى الأديرة وهم أطفال في سن السابعة أو بعدها، ومنهم من جيء بهم وهم رضع في المهد، وقد ظلت هذه النذور حرمات لا يحل النكث بها حتى أباحت القرارات البابوية في عام 1179 التحلل منها إذ بلغ الطفل الرابعة عشرة من عمره (43). وهال لويس التقي ما رآه من ضعف النظام في الأديرة الفرنسية فدعا في عام 817 إلى عقد جمعية قومية من رؤساء الأديرة والرهبان في آخن، وعهد إلى القديس بندكت الأنياني أن يقرر السير في جميع في جميع أديرة بلاده على القواعد التي وضعها القديس بندكت النورسيائي St. رضي الله عنهenedict of Nurcia. وأخذ بندكت الجديد يواصل العمل بجد، ولكن المنية وافته في عام 821، وما لبثت حروب الملوك أن أشاعت الفوضى في دولة الفرنجة، وخربت غارات النورمان، والمجر، والمسلمين مئات الأديرة، وهام الرهبان على وجههم في العالم غير الديني، ولما عاد بعضهم إلى أديرتهم بعد أن ارتدت موجة التخريب، جاءوا معهم إليها بطرائق الحياة في خارجها. يضاف إلى هذا أن السادة الإقطاعيين قد اغتصبوا الأديرة، وعينوا هم رؤساءها، واستولوا على إيرادها، ولم يحل عام 900 حتى تدهورت أديرة الغرب، كما تدهورت الأنظمة كلها، إلا القليل الذي يستحق الذكر منها، في أوربا اللاتينية إلى الدرك الأسفل من حياتها أثناء العصور الوسطى. وليس أدل على هذا الانحطاط من قول سانت أدو رئيس دير كلوني (المتوفى عام 942) "إن بعض رجال الدين في الأديرة وخارجها يستهترون بابن العذراء استهتاراً يستبيحون معه ارتكاب الفحشاء في ساحاته نفسها، بل في تلك البيوت التي أنشأها المؤمنون الخاشعون لكي تكون ملاذاً للعفة والطهارة في حرمها المسور،