تجارة أوربا الشمالية والوسطى أن أخذت تنساب تدريجياً عن طيق الثغور البندقية. وأقر أن المدن البندقية الجديدة بسيادة بيزنطية عليه ليحمي نفسه من الألمان واللمبارد، ولكن مركز هذه الجزائر المنيع في مياهها الضحلة وتعذر الهجوم عليها براً أو بحراً لهذا السبب، مضافاً إلى جد أهلها وجلدهم، وازدياد الثراء الناتج من انتشار تجارتها، كل هذا قد وهب الدولة الصغيرة سيادة واستقلالاً غير منقطعين مدى ألف عام.
وظل اثنا عشر تربينوناً-يبدو أن كل واحد منهم كان يشرف على شئون جزيرة من الجزائر الاثنتي عشرة الكبيرة-يصرفون شئون الحكم حتى عام 697 حين أحست هذه العشائر بحاجتها إلى سلطة عليا موحدة، فاختارت أول دوج أو دوق أو زعيم doge, dux يتولى شئون الحكم حتى ينزله الموت أو تنزله الثورة عن عرشه. ودافع الدوج أجنلو بدور صلى الله عليه وسلمgnelle رضي الله عنهadoer (809 - 827) عن المدينة ضد الفرنجة دفاعاً أظهر فيه من ضروب المهارة ما جعل الأدواق فيما بعد يختارون من سلالته حتى عام 942. وثأرت البندقية لنفسها في عهد أرسلو Orsello الثاني (991 - 1088) من غارات القراصنة الدلماشيين بأن هاجمت معاقلهم واستولت على دلماشيا، وبسطت سيادتها على البحر الأدرياوي. وشرع البنادقة في عام 998 يحتفلون في عيد الصعود من كل عام بهذا النصر البحري وبهذه السيادة الاحتفال الرمزي المعروف عندهم باسم اسبوزاليزيا ( sposalisia) : فكان الدرج يقذف في البحر من سفينة مزينة بهجة بخاتم مدشن، وينادي باللغة اللاتينية: "إننا نتزوجك أيها البحر، دليلاً على سلطاننا الحق الدائم" (7). وسَرَّ بيزنطية أن تقبل البندقية حليفاً لها مستقلاً، وكافأتها على صداقتها النافعة بامتيازات تجارية في القسطنطينية وغيرها وصلت تجارة البندقية بفضلها إلى البحر الأسود بل تعدته إلى بلاد الإسلام نفسها.
وحدث في عام 1033 أن قضت أرستقراطية التجار على انتقال السلطة إلى