قصه الحضاره (صفحة 4855)

الصليبية؛ وعن آلاف الكتب التي ترجمت من اللغة العربية إلى اللاتينية؛ وعن الزيارات التي قام بها العلماء أمثال جربرت Gerbert، وميخائيل أسكت Michael Scot وأدلارد صلى الله عليه وسلمdelard من أهل باث رضي الله عنهath إلى الأندلس الإسلامية؛ ومن الشبان المسيحيين الذين أرسلهم آباؤهم الأسبان إلى بلاط الأمراء المسلمين ليربوا فيها ويتعلموا الفروسية (126) -ذلك أن بعض الأشراف المسلمين كانوا يعدون "فرساناً وسادة مهذبين كاملين وإن كانوا مسلمين" (127)، ومن الاتصال الدائم بين المسيحيين والمسلمين في بلاد الشام، ومصر، وصقلية، وأسبانيا. وكان كل تقدم للمسيحيين في أسبانيا تتبعه موجة من آداب المسلمين، وعلومهم، وفلسفتهم، وفنونهم تنتقل إلى البلاد المسيحية، وحسبنا أن نذكر على سبيل المثال أن استيلاء المسيحيين على طليطلة في عام 1085 قد زاد معلومات المسيحيين الفلكية، وأبقى على الاعتقاد بكرية الأرض (128).

ولكن نار الحقد لم تطفئ لظاها هذه الاستدانة العلمية. ذلك أن لا شيء بعد الخبز أعز على بني الإنسان من عقائدهم الدينية، لأن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده، بل يحيا معه بالإيمان الذي يبعث في قلبه الأمل. ومن أجل هذا فإن قلب الإنسان يتلظى غيظاً على من يهدده قُوته أو عقيدته. ولقد ظل المسيحيون ثلاثة قرون يشهدون زحف المسلمين، ويبصرونهم يستولون على قطر مسيحي في إثر قطر، ويمتصون شعباً مسيحياً بعد شعب، وكانوا يحسون بأيدي المسلمين القوية تقبض على التجارة المسيحية، ويستمعون إليهم وهم يسمون المسيحيين كفرة (?) وأمست المعركة المرتقبة في آخر الأمر معركة حقيقية، فاصطدمت الحضارتان في الحروب الصليبية، وقَتَل خيرُ ما في الشرق أو الغرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015