قصه الحضاره (صفحة 4736)

المصرية، وجعل الفاطميين أغنى حكام زمانهم. ويشهد بذلك أنه حين توفيت رشيدة أخت المعز خلفت وراءها 2. 700. 000 دينار (12. 825. 000 دولار أمريكي)، و12. 000 ألف ثوب؛ ولما ماتت أخته عبدة تركت ثلاثة آلاف مزهرية فضية، وأربعمائة سيف ذات نقوش دمشقية ذهبية، وثلاثين ألف قطعة من المنسوجات الصقلية، ومقداراً ضخماً من الجواهر (7). ولكن لا شيء يسقط كالنجاح، وآية ذلك أن الحاكم الخليفة التالي (996 - 1021) جن من فرط الثراء والسلطان، فدبر اغتيال عدد كبير من الوزراء، واضطهد المسيحيين واليهود، وأحرق كثيراً من الكنائس والمعابد، وأمر بهدم كنيسة بيت المقدس التي فيها قبر المسيح، وكان تنفيذ هذا الأمر من أسباب قيام الحروب الصليبية. وكأنما أراد الحاكم أن يعيد سيرة الإمبراطور كلجيولا، فنادى بنفسهِ إلهاً، وأرسل البعوث لنشر هذه العقيدة بين الناس، فلما أم قتل بعض هؤلاء الرسل عاد هو إلى حب المسيحيين واليهود، وأعاد بناء كنائسهم ومعابدهم. واغتيل الحاكم في سن السادسة والثلاثين.

وعم الرخاء مصر رغم ما كان يخص به الخلفاء أنفسهم من امتيازات واسعة لأنها كانت حلقة الاتصال التجاري بين أوربا وآسية، وازدادت عدد السفن التي ينقل عليها تجار الهند والصين بضائعهم من تلك البلاد مارة بالخليج الفارسي، والبحر الأحمر، والنيل إلى مصر. واضمحلت ثروة بغداد، وضعفت قوتها بينما زاد سلطان القاهرة وثراؤها وقد زار ناصري خسرو العاصمة الجديدة في عام 1047 وجاء في وصفه لها أن بها عشرين ألف بيت، معظمها من الآجر ترتفع إلى خمس طبقات أو ست، وعشرين ألف متجر مملوءة بالذهب، والجواهر، والأقمشة المطرزة، والحرير إلى درجة لا يجد الإنسان فيها مكاناً يجلس (8) فيهِ. وكانت الشوارع الكبرى مظللة من وهج الشمس وتضيؤها المصابيح بالليل. وكانت الحكومة تحدد الأثمان، وتقبض على من يبيع بأغلى منها، ويطاف به في شوارع المدينة على جمل، وهو يدق بيدهِ ناقوساً ويعلن بنفسهِ جرمه (9). وكان ذوو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015