قصه الحضاره (صفحة 4729)

وطربوا وهي تلحظني وتشكّ فيَّ، فقالوا: لمن هذا الصوت؟ فقالت: لسيدي مخارق. ثم غنت صوتاً ثالثاً فطربوا وشربوا، فقالوا لمن هذا الصوت؟ فقالت: لسيدي مخارق. فلم ألبث أن قلتُ: يا جارية شدي يدك فشدت أوتارها وخرجت عن إيقاعها الذي تقول عليه. فاستدعيتُ بدواة وقضيب وغنيتُ الصوت الذي غنته الجارية أولاً، فقاموا إليَّ وقبلوا رأسي. (قال الراوي) وكان مخارق أحسن الناس صوتاً وكان يوقع بالقضيب توقيعاً عجيباً. ثم غنيتُ الصوت الثاني والثالث فكادت عقولهم تطير. فقالوا بالله من أنتَ يا سيدي؟ فقلتُ: أنا مخارق. فقالوا ما سبب مجيئك؟ قلت: طفيلي أصلحكم الله، وأخبرتهم بخبري، فقال صاحب البيت لصديقيهِ: أما تعلمان أني أعطيت في الجارية ثلاثين ألف درهم فامتنعت عن بيعها؟ قالا: بلى. قال: هي له. قال صديقاه: علينا عشرون ألف درهم وعليكَ عشرة آلاف. قال مخارق فملكوني الجارية وجلستُ عندهم إلى العصر وانصرفتُ بها (وبغيرها من الأثواب الغالية والهدايا الأخرى الثمينة التي أهدوها إليَّ)، وكلما مرت بالمواضع التي شتمتني فيها أقول لها: يا مولاتي: أعيدي كلامك؛ فتستحي مني فأحلف عليها لتعيدنه فتعيده حتى وصلنا إلى باب أمير المؤمنين (فقيل لي إنه انتبه وطلبك في منازل أبناء القواد فلم يجدكَ وتغيظ عليكَ غيظاً شديداً)، فدخلتُ عليهِ ويدي في يدها فلما رآني سبَّني وشتمني، فقلتُ: يا أمير المؤمنين: لا تعجل. وحدثته القصة فضحك وقال: نحن نكافئهم عنك. فأحضَرَهم وأمرَ لكل واحد منهم بثلاثين ألف درهم ولي بعشرة آلاف (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015