قصه الحضاره (صفحة 463)

إلى اثنتي عشرة ساعة (لا إلى أربع وعشرين) وتقسيم الساعة إلى ستين دقيقة، والدقيقة إلى ستين ثانية، كل هذه آثار بابلية لا شك فيها باقية من أيامهم إلى عهدنا الحاضر (?)، وإن كان هذا لا يخطر لنا على بال.

وكان اعتماد العلوم البابلية على الدين وارتباطها به أقوى أثراً في ركود الطب منه في ركود الفلك. على أن أساليب الكهنة الخفية لم تحل دون تقدم العلوم بقدر ما حال دونه تخريف الشعب. ذلك أن علاج المرضى قد خرج إلى حد ما عن اختصاص الكهنة وسيطرتهم من أيام حمورابي، ونشأت مهنة منتظمة للأطباء ذات أجور وعقوبات يحددها القانون، فكان المريض الذي يستدعي طبيباً لزيارته يعرف مقدماً كم من المال يجب عليه أن يؤديه نظير هذا العلاج أو ذاك ونظير هذه الجراحة أو تلك؛ وإذا كان هذا المريض من الطبقات الفقيرة نقص الأجر لكي يتناسب مع فقره (157). وإذا اخطأ الطبيب أو أساء العمل كان عليه أن يؤدي للمريض تعويضاً. لقد بلغ الأمر في بعض الحالات التي يكون فيها الخطأ شنيعاً أن تقطع أصابع الطبيب كما سبق القول، حتى لا يمارس صناعته عقب هذا الخطأ مباشرة (158).

ولكن هذا العلم الذي تحرر من سلطان الدين تحرراً يكاد يكون تاماً كان عاجزاً بسبب حرص الشعب على التشخيص القائم على الخرافات والأوهام، وعلى العلاج بالأساليب السحرية. ومن أجل هذا كان السحرة والعرافون أحب إلى الشعب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015