قصه الحضاره (صفحة 4514)

قال مرة لأبي هريرة، وكان يتردد عليه كثيراً: "يا أبا هريرة زد غباً تزدد حباً". وكان محارباً صارماً لا يرحم عدواً (?)، وقاضياً عادلاً في وسعه أن يقسو ويغدر، ولكن أعماله الرحيمة أكثر من أن تُعد. وقد قضى على كثير من الخرافات الهمجية كفقء أعين بعض الحيوانات لوقايتها من الحسد، أو ربط بعير الميت عند قبرهم. وكان أصدقاؤه يحبونه حباً يقرب من العبادة، وكان أتباعه يجمعون بصاقه أو شعره بعد قصه، أو الماء الذي يغسل به يديه، لاعتقادهم أن في هذه الفضلات شفاء لهم من ضعفهم أو مرضهم.

وقد أعانه نشاطه وصحته على أداء جميع واجبات الحب والحرب (?)، ولكنه أخذ يضعف حين بلغ التاسعة والخمسين من عمره، وظن أن يهود خيبر قد دسوا له السم في اللحم قبل عام من ذلك الوقت فأصبح بعد ذلك الحين عرضة لحميات ونوبات غريبة. وتقول عائشة إنه كان يخرج من بيته في ظلام الليل، ويزور القبور، ويطلب المغفرة للأموات (?)، ويدعو الله لهم جهرة، ويهنئهم على أنهم موتى. ولما بلغ الثالثة والستين من عمره اشتدت عليه هذه الحميات، وحدث في إحدى الليالي أن شكت عائشة الصداع، وأن شكاه هو نفسه وسألها وهو يمازحها إلا تفضل أن تموت هي قبله، فتحظى بأن يدفنها رسول الله، فأجابته بحديثها المعهود، أنه حين يعود من دفنها سيأتي بعروس أخرى مكانها. وظلت الحمى تعاوده أربعة عشر يوماً بعد ذلك الوقت، وقبل وفاته بثلاثة أيام نهض من فراشه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015