وشد غطاء الرأس بالعقال لوقاية الجسم والشعر. وتكاد المساء تكون على الدوام صافية خالية من الغيوم، والهواء "يشبه النبيذ البراق". ويسقط المطر أحياناً قرب شاطئ البحر صالحاً لقيام الحضارة، وأكثر ما يكون ذلك على الساحل الغربي في بلاد الحجاز حيث نشأت بلدتا مكة والمدينة، وفي الطرف الجنوبي الغربي من بلاد اليمن موطن الممالك العربية القديمة.
ويسجل نقش بابلي (يرجع تاريخه إلى حوالي عام 2400ق. م). هزيمة لحقت بملك ماجان (?) على يد نارام سن الحاكم البابلي. وقد كانت ماجان هذه عاصمة المملكة المعينية التي كانت قائمة في الجنوب الغربي من جزيرة العرب. وقد عُرف خمسة وعشرون من ملوكها الذين حكموها بعد هذه الهزيمة من نقوش عربية يرجع تاريخها إلى عام 800 ق. م. وثمة نقش آخر يرجعه بعضهم إلى 2300ق. م وإن كانوا غير واثقين من هذا. وقد ورد في هذا النقش اسم مملكة عربية أخرى هي مملكة سبأ في بلاد اليمن. ومن سبأ أو من مستعمراتها في القسم الشمالي من بلاد العرب-لأن هذا موضع خلاف بين المؤرخين-"ذهبت" ملكة سبأ إلى سليمان حوالي عام 950 ق. م. وقد اتخذ ملوك سبأ مأرب عاصمة لهم، وخاضوا حروب "الدفاع" المعتادة، وأنشئوا أعمالاً عظيمة للري كسدود مأرب (التي لا تزال آثارها باقية إلى الآن)، وشادوا الحصون والهياكل الضخمة، ووهبوا كثيراً من المال للشئون الدينية، واتخذوا الدين وسيلة للحكم (2). والنقوش التي خلفوها-والتي لا ترجع في أغلب الظن إلى ما قبل عام 900ق. م-منحوتة نحتاً جميلاً بحروف هجائية. وكانت بلادهم تنتج الكندر والمر اللذين كان لهما أيما شأن في الشعائر الدينية الأسيوية والمصرية، وكانوا يسيطرون على التجارة بين الهند ومصر، وعلى الطرف الجنوبي