القديم، انتقل إليه لقب الحبر الأعظم pontifex meximus، وعبادة الأم العظمى، وعدد لا يحصى من الأرباب التي بثت الراحة والطمأنينة في النفوس، والإحساس بوجود كائنات في كل مكان لا تدركها الحواس، وبهجة الأعياد القديمة أو وقارها، والمظاهر الخلابة للمواكب القديمة التي لا يعرف الإنسان بدايتها، نقول ان هذه كلها انتقلت إلى المسيحية كما ينتقل دم الأم إلى ولدها، وأسرت روما الأسيرة فاتحها، وأسلمت الإمبراطوريّة المحتضرة أزمة الحكم والمهارة الإدارية إلى البابوية القوية، وشحذت الكلمة المواسية بقوة سحرها ما فقده السيف المفلول من قوته؛ فحل مبشرو الكنيسة محل جيوش الدولة، وأخذ هؤلاء يجوبون الآفاق في جميع الجهات متتبعين الطرق الرومانية، وعادت الولايات الثائرة بعد أن اعتنقت المسيحية إلى الاعتراف بسيادة روما. وحافظت العاصمة القديمة على سلطانها، خلال الكفاح الطويل الذي دام في عصر الإيمان، ومازال ينمو هذا السلطان، ينمو ويقوى حتى خيل إلى العالم في عصر النهضة أن الثقافة القديمة قد انبعثت من قبرها، وأن المدينة الخالدة أضحت مرة أخرى مركز حياة العالم وثرائه وقمة تلك الحياة وذينك الثراء والفن. وقد احتفلت روما في عام 1963 بمضي 2689 عاماً على تأسيسها، وكان في وسعها أن تعود بنظرها إلى ما تمتاز به حضارتها من استمرار رائع في تاريخ الإنسانية. ألا ليتها تعود إلى حياتها الماضية.
شكراً لك أيها القارئ الصبور