روحه (17). وظلت بلندينا رضي الله عنهlandina، وهي أَمة صغيرة السن، تعذب يوماً كاملاً، ثم ربطت في زكيبة، وأُلقيت في المجتلد ليفتك بها ثور وحشر، وتحملت الفتاة عذابها وهي صامتة، ولذلك اعتقد كثيرون من المسيحيين أن المسيح كان يُفقد شهداءه قوة الإحساس بالألم؛ ولعل النشوة الدينية والخوف هما علة عدم الإحساس. وفي ذلك يقول ترتليان: "إن المسيحي كان يلهج بالشكر حتى حين يُحكم عليه بالإعدام" (?).
وخفت حدة الاضطهاد في عهد كمودس، ثم عاد إلى ما كان عليه في عهد كبتميوس سفيرس، وبلغ من شدته أن كان التعميد نفسه يُعّد جريمة تستحق العقاب، وفي عام 203 استشهد كثيرون من المسيحيين في قرطاجنة ومن هؤلاء أم في مقتبل العمر تدعى بربتوا رضي الله عنهerpetua تركت وراءها وصفاً يفتت الأكباد لأيامها التي قضتها في السجن، ورجاء أبيها لها أن تنكر الدين المسيحي. وقد ألقيت هي وأم شابة أخرى إلى أحد الأثوار الوحشية وافترسهما الثور. ولدينا في أحد أسئلتها الأخيرة "حين ألقي بها إلى الثيران" دليل على ما يحدثه الخوف والغيبوبة من تخدير. وتصف لنا قصتها كيف وجهت بنفسها إلى عنقها خنجر المجالد الذي أمر على الرغم منه أن يقتلها (19). ولم تكن الإمبراطورات السوريات اللائي جلسن على العرش بعد سبتميوس يعنين كثيراً بالآلهة الرومانية. ولقيت المسيحية في أيامهن شيئاً من التسامح الناشئ من عدم اهتمامهن بأمرها: ويبدو أن السلم قد سادت جميع الأديان المتنافسة في أيام ألكسندر سفيرس.
وانتهت الهدنة بتجدد هجمات البرابرة. وإذا شئنا أن نفهم الاضطهاد في عهد