قصه الحضاره (صفحة 3959)

فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه، لكن حسب أعمالهم لا تعملوا" (101)، ولما عرض يسوع أن تعدل الشريعة اليهودية، سار على سنة هلل فلم يفكر في انه ينقض هذه الشريعة: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمّل" (102) "ولكن زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس" (?).

لكنه مع هذا قد بدل كل شيء بقوة أخلاقه وشعوره. فقد أضاف إلى الشريعة اليهودية أمره إلى الناس بأن يستعدوا للدخول في الملكوت بأن يحيوا حياة العدالة، والرأفة والبساطة. وزاد الشريعة صرامة في مسائل الجنس والطلاق (105)، ولكنه خففها بأن كان أكثر استعداداً للعفو (106)، وذكر للفريسيين أن السبت قد وضع لخير الإنسان (107)، وخفف الشروط الموضوعة على الطعام والطهارة، وحذف بعض أوقات الصوم، وأعاد الدين من المراسم والطقوس إلى الصلاح والاستقامة، وندد بالجهر بالصلوات، والتظاهر بالصدقات، والاحتفالات الفخمة بالجنازات، وترك الناس أحياناً يظنون أن الشريعة اليهودية سوف تمحى حين تحل الملكوت (108).

وقد قاوم اليهود على اختلاف شيعتهم هذه الإصلاحات عدا الإسينيين، وكان الذي أغضبهم بنوع خاص ما دعاه لنفسه من حق العفو عن الخطايا والتحدث باسم الغلة. وقد هالهم أن يروه يختلط بعمال روما المبغضين؛ وبالنساء ذوات السمعة السيئة. وكان كهنة الهيكل وأعضاء السنهدرين يرقبون نشاطه بعين الريبة، ويرون في هذا النشاط ما كان يراه هيرودس في نشاط يوحنا وهو أنه ستار يخفي تحته ثورة سياسية، وكانوا يخشون أن يتهمهم الحاكم الروماني بأنهم يتحللون مما هو مفروض عليهم من تبعات ليحافظوا بذلك على النظام الاجتماعي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015