الباب الحادي عشر
30 ق. م-14 ب. م
الفصل الأوَّل
انتقل أكتافيان من الإسكندرية إلى آسية وواصل فيها توزيع الممالك والولايات. ولم يصل إلى إيطاليا إلا في صيف عام 29 ق. م. ولم تكد تبقى طبقة من طبقات الأهلين فيها إلا حييته وأحتفلت بمقدمه، وعدته منقذ البلاد، وأشتركت في موكب النصر الذي دام ثلاثة أيام متوالية. وأغلق هيكل يانوس إشارة إلى أن إله الحرب قد نال كفايته إلى حين، فقد أنهكت الحرب الأهلية التي دامت عشرين عاماً شبه الجزيرة التي كانت تشتهي الحرب وتتعطش للدماء. وفي هذه الفترة أهملت المزارع ونُهبت المدن أو ضُرب عليها الحصار، وسُرق الكثير من ثروتها أو دُمر تدميراً، وتحطم دولاب الإدارة ووسائل الدفاع عن النفس والمال؛ وجعل اللصوص الشوارع كلها غير مأمونة خلال الليل، وكان قطاع الطريق يجوبون المسالك يخطفون المسافرين ويبيعونهم بيع الرقيق. وكان من أثر هذا أن كسدت التجارة، ووقفت حركة الاستثمار، وارتفعت فوائد الديون ارتفاعاً، ونقصت قيمة الأملاك. ولم يكن للفاقة والفوضى أثر في تحسين الأخلاق التي انحلت بسبب الثروة والترف؛ ذلك أنه قلما توجد ظروف أشد إفساداً للأخلاق من الفقر الذي يعقب الغنى، ولذلك امتلأت رومة بالرجال