علماً وإنتاجاً، وهو الذي أكسب العقيدة الرواقية صورتها التاريخية بأن شرحها في 270 كتاباً، جعلت ديونيشيوس الهلكرنسي عز وجلionysius of Halicarnassus يعدها أنموذجاً لغزارة العلم المملة. وانتشرت الرواقية من بعدهِ في جميع أنحاء هلاس، وكان أعظم دعاتها في آسية: بانيتيوس الرودسي Panaetius of Rhodes، وزينون الترسوسي، وبؤيثوس الصيداومي رضي الله عنهoethus of Sidon، وديجين السلوقي. وكل الذي نستطيعه للتعريف بها أن نؤلف مما عثرنا عليه عرضاً من النتف الباقية من المؤلفات الضخمة الكثيرة التي كتبت عنها صورة لأوسع فلسفات العالم القديم انتشاراً وأعظمها أثراً.
وأكبر الظن أن أقريسبوس هو الذي قسم الفلسفة الرواقية إلى منطق، وعلوم طبيعية، وأخلاق. وكان زينون ومن جاء بعده يفخرون بما كتبوه في النظريات المنطقية، ولكن أنهار المداد التي فاضت بها أقلامهم في هذا الموضوع لم تترك أثراً ملحوظاً في إنارة العقول أو في نفعها (?). لقد كان الرواقيون يتفقون مع الأبيقوريين في أن المعرفة لا تنشأ إلا من الحواس، وكان المقياس النهائي للحقيقة في رأيهم هو المدركات الحسية التي تضطر العقل إلى قبولها بما فيها من وضوح أو ثبات، على أنه ليس من الضروري أن تؤدي التجارب إلى المعرفة، لأن بين الحواس والعقل توجد العواطف أو الانفعالات، وهذه قد تشوه التجارب فتجعلها أخطاء، كما تشوه الرغبات فتجعلها رذائل. والعقل هو أسمى ما أحرزه الإنسان، وهو بذرة من بذور العقل الكلي الذي وضع قواعد العالم.
والعالم كالإنسان مادي بأكملهِ وإلهي بفطرتهِ. فكل ما تنقله لنا الحواس مادي، والأشياء المادية دون غيرها هي التي تحدث الأفعال أو تستقبلها.