قصه الحضاره (صفحة 2747)

الفصل الخامِس

بولبيوس

إذا كان العصر الهلنستي لم يلهم إلا شاعراً واحداً، فإنه قد أخرج مقداراً من النثر مختلف الأنواع لم يخرج مثله عصر آخر قبله. ففيه ابتدع التحدث الخيالي وابتدعت المقالة، ودائرة المعارف. وواصل فيه الكتاب إخراج التراجم القصيرة الواضحة، وأضاف الأدب اليوناني في العهد الروماني الذي تلا هذا العهد الذي نتحدث عنه الموعظة والرواية القصصية. أما الخطابة فكانت في دور الاحتضار أنها كانت تعتمد على النزاع السياسي، والتقاضي أمام المحاكم الشعبية، وعلى حق الناس الديمقراطي في أن يتكلموا. وأصبحت الرسالة الأداة المحبوبة لنقل الأفكار سواء في التخاطب أو في الأدب. ففي هذا العصر تقررت صور الرسائل وعباراتها التي نجدها في أقوال شيشرون، بل تقررت أيضاً الديباجة الشهيرة التي كان يستمسك بها أجدادنا ويجلونها: "أرجو أن يصلك هذا وأنت بخير كما تركتني" (28).

وازدهرت كتابة التاريخ، فقد كتب بطليموس الأول، وأراتوس الآخي، وبيرس الأبيروسي مذكرات عن حروبهم، فوضعوا بذلك تقليداً بلغ غايته في قيصر. وكتب مانيثون الكاهن المصري الأكبر باللغة اليونانية حوليات مصر صلى الله عليه وسلمigyptaka التي جمعت الفراعنة بطريقة تعسفية إلى حد ما في أسر مالكة لا تزال هي التقسيم المتبع حتى اليوم. وأهدى بروسس كبير الكهنة الكلدان إلى أنتيوخوس الأول تاريخاً لبابل معتمداً على السجلات المسمارية. وأدهش مجسثنيز Megasthenes سفير سلوقس الأول لدى شندراجوبتا ماريا Shandragupta Mourya العالم اليوناني بكتاب عن الهند أخرجه حوالي عام 300. وجاء في فقرة موحية من هذا الكتاب: "إن بين البراهمة طائفة من الفلاسفة ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015